ثم قالت: أيها الناس أنا فاطمة، وأبي محمد صلى الله عليه وسلم أقولها عودا على بدء:
لقد جائكم رسول من أنفسكم.
ثم ساق الكلام على ما رواه زيد بن علي عليه السلام في رواية أبيه.
أقول: هو ما رواه في (ص 12) عن أبي الفضل، عن أبي الحسين زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب قال: رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلمونهم أبنائهم وقد حدثنيه أبي عن جدي وعن الحسن بن علوان، عن عطية العوفي، أنه سمع عبد الله بن الحسن يذكره عن أبيه قال: لما أجمع أبو بكر (ره) على منع فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها من فدك، وبلغ ذلك فاطمة عليها السلام لاثت خمارها على رأسها وأقبلت في لمة من حفدتها، تطأ ذيولها، ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا، حتى دخل على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار، فنيطت دونها منعة ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء، وارتج المجلس، فأمهلت حتى سكن نشيج القوم وهدئت فورتهم.
فافتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها، فقالت: لقد جائكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، فإن تعرفوه تجدوه أبي دون آبائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، فبلغ النذارة، صادعا بالرسالة، ماثلا على مدرجة المشركين، ضاربا لثبجهم، آخذا بكظمهم، يهشم الأصنام، وينكث الهام، حتى هزم الجمع، وولوا الدبر، وتغري الليل على صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وكنتم على شفا حفرة من النار، مذفة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون الورق، أذلة خاشعين، تخافون أن يتخطفكم