نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ١ - الصفحة ٤٤٨

____________________
ثم بعد الغض عن كل ذلك، وتسليم عدم إفادتها الحصر في الآيتين؛ لقيام قرينة صارفة لها عن ظاهرها، هل يمكن للخصم الألد إنكار ظهورها في ذلك مطلقا في سائر استعمالاتها الخالية عن القرينة؟ أو هل يمكن تصديق ذاك الغبي المعاند للحق في تكذيبه لمن عرفت من علماء الفن والمجمعين من مهرة اللغة والنحاة، وشعراء العرب العرباء، وفصحاء الفريقين في سائر استعمالاتهم وتصريحاتهم بذلك؟ ولا سيما في الموارد التي قامت القرائن الكثيرة والبراهين الواضحة على إفادتها الحصر، كما في المقام على ما سيتضح لك إن شاء الله تعالى، مضافا إلى ما أشير إليه منها.
ثانيها (١): إنكار اختصاص الآية بعلي (عليه السلام) وذلك لوجهين: أحدهما: سوق العبارة فيها بصيغة الجمع بقوله تعالى: (والذين آمنوا) وثانيهما: تعقيب ذلك بذكر الصفات، وهي قوله سبحانه: (الذين يقيمون الصلاة) وأن كلا منهما يوجب ظهور الموصوف في عامة المتصفين بها. ويشهد لذلك تسالم الفريقين على إرادة العموم من نظائرها الواقعة في سبع آيات غيرها بقوله تعالى: (والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة).
لا يقال: إن إطلاق هيئة الجمع على الواحد فيما نحن فيه إنما هو على سبيل التعظيم لا التعميم، كما في قوله تعالى: ﴿إنا أنزلناه في ليلة القدر﴾ (٢) ﴿إنا أعطيناك الكوثر﴾ (3) وأمثالهما الكثيرة، وذلك أمر شائع في القرآن وغيره، ولا غرابة فيه.
فإنه يقال: نعم، لا ينكر جواز ذلك، ولكنه مجاز لا يصار إليه إلا مع القرينة، وإن الأصل في الكلام حمله على الحقيقة (4).
والجواب - بعدما سمعته من كلام الزمخشري، وهو من أبناء نحلة المعترض الناصب الإصبهاني الذي هو من أذناب متأخري القوم، وإنما فنه لحس فضلات من تقدمه منهم، وعرفت اعتراف متقدميهم بما يوضح فساد كلامه ونقض

(١) ثاني المناقشات في دلالة " إنما وليكم الله... " على الحصر.
(٢) القدر: ١.
(٣) الكوثر: ١.
(4) التفسير الكبير 12: 28.
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»
الفهرست