نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ١ - الصفحة ٥٨٩
____________________
والوصاية والخلافة للولي الحجة (عليه السلام).
ثم أضف إلى ذلك أيضا قصة حارث الفهري (*) التي رواها ثلاثون من علماء
(*) وأما قصة حارث، فعلى ما تواترت أيضا في كتب الفريقين هي: أنه لما شاع وذاع في الأقطار، وطار في الأمصار خبر نصب الولي (عليه السلام) في غدير خم بلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري، فركب ناقته، وجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح، ثم قال: يا محمد، أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقبلناه منك، وأن نصلي خمسا، ونزكي أموالنا، فقبلناه منك، وأن نصوم شهر رمضان في كل عام، فقبلناه منك، وأن نحج، فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك، وفضلته على الناس، وقلت: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فهذا شيء منك، أو من الله؟
فاحمرت عينا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال ثلاثا: " والله الذي لا إله إلا هو، إنه من الله، وليس مني " فولى الحارث دبره، وقال: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأرسل علينا من السماء حجارة، أو ائتنا بعذاب أليم، فو الله ما بلغ ناقته حتى رماه الله من السماء بحجر، وقع على هامته، وخرج من دبره، وسقط على الأرض ميتا، وأنزل الله تعالى فيه: (سئل سائل بعذاب واقع) [١].
وقد نظم الشعراء في ذلك كثيرا، ومنهم أبو محمد العوفي الغساني حيث يقول:
يقول رسول الله هذا لأمتي * هو اليوم مولى، رب ما قلت فاسمع فقال جحود ذو شقاق منافق * ينادي رسول الله من قلب موجع أعن ربنا هذا أم أنت اخترعته * فقال معاذ الله لست بمبدع فقال عدو الله لاهم إن يكن * كما قال حقا بي عذابا فأنزل فعوجل من أفق السماء بكفره * بجندل [٢] فانكب ثاو [٣] بمصرع [٤] وقال آخر في أرجوزته:
وما جرى لحارث النعمان * في أمره من أوضح البرهان على اختياره لأمر الأمة * فمن هناك سائه وغمه حتى أتى النبي بالمدينة * مخبطا من شدة الظغينة وقال ما قال من المقال * فباء بالعذاب والنكال إلى غير ذلك مما قيل في ذلك نظما ونثرا من المتقدمين والمتأخرين من الفريقين.
[١] المعارج: ١.
[٢] الجندل: الحجارة، لسان العرب ١١: ١٢٩ (جندل).
[٣] ثوي بالمكان: أقام بها، الصحاح ٦: ٢٢٩٦ (ثوى).
[٤] انظر المناقب (ابن شهرآشوب) 2: 40 في قصة يوم الغدير.