نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ١ - الصفحة ١٣٤
ويستحيل فيه أن يتحدا * بغيره فلا يحل أبدا
____________________
ثامنها: نفي الحلول عنه تعالى فاعلم أنه قد أطبقت الفرقة المحقة الإمامية (قدس سرهم) أيضا تبعا لضرورة حكم العقل القطعي، ووفاقا لكافة العقلاء من سائر الملل على استحالة حلوله سبحانه في غيره، فضلا عن اتحاده بغيره.
وذهب بعض الفرق من العامة العمياء إلى جواز ذلك، بل إلى وقوعه.
وقال بعضهم: إن العبد إذا بلغ درجة العرفان، ونال مرتبة اليقين اتحد مع ربه وحل ربه فيه، وبطلت الاثنينية والتغاير بينهما. وبذلك تسقط عنه الفرائض اليومية وسائر الواجبات الشرعية، ويباح له ارتكاب الفواحش الدينية، والقبائح العقلية، وهم المسمون لدى قومهم بالواصلية. ثم لحق القوم بعض أذنابهم وزادوا على ذلك وبالغوا في الوقاحة وقالوا: إن العبد بعد بلوغه تلك الدرجة يختلط بربه ويتحد معه، وذلك أعلى من الحلول المشعر بالغيرية، ومساوق للعينية كما قال قائلهم: ليس في الدار غيره ديار (1). مشيرا بالضمير إلى صاحبه الواصلي. ونعوذ بالله سبحانه من تلك الكفريات والزندقة.
«و» إن من الواضح الضروري لدى كل عاقل أنه «يستحيل فيه» تعالى «أن يتحدا بغيره» عينا، بأن يصير الموجودان موجودا واحدا بسيطا. مضافا إلى أن الحاصل منهما بعد الحلول والاتحاد لا يخلو من كونه واجبا أو ممكنا. وعلى التقديرين يلزم الانقلاب: إما في الواجب الحال بصيرورته ممكنا، وإما في المحل الممكن بصيرورته واجبا كما هو واضح، وذلك خلف، واستحالته أوضح واضح.
أيضا إن الاتحاد ينافي الغناء المطلق؛ لأ نه يحتاج حينئذ إلى المحل. بل ويثبت له حينئذ الجسمية أو العرضية، وكل ذلك متسالم على فساده واستحالته.
وعليه «فلا» يعقل أن «يحل» الرب تعالى في شيء «أبدا».

(1) مناقب العارفين للأفلاكي، أسرار التوحيد: 186، الأنوار في كشف الأسرار.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست