للطهارة الواقعية الحاصلة بذلك الغسل، إذ لا فرق بين الصب والاغتراف في ذلك، فلو لم يغسل يده اليسرى في غير المغترف منه لم يدفع نجاستها الوهمية، وتبقى إلى حال الوضوء فينجس ماؤه بها، ولا أراهم يلتزمون به.
فتبين أنه ليس لدفع النجاسة، بل هو تعبد محض كما صرح به العلامة، ومع ذلك لا يلزم أن لا يتحقق امتثاله إلا بالنية كما عنهم ابتناء لزوم النية على ثبوته تعبدا، وعدم كونه للعلة المذكورة وهو دفع النجاسة الموهومة. ولذا صرح بعضهم بأن إزالة النجاسة المتحققة التحققة لا تحتاج إلى النية فكيف متوهمها؟!
ولا يخفى عليك أيضا أن استحبابه وثبوته التعبدي لا يستلزم عباديته كما عن العلامة القول بثبوته التعبدي والاستحباب ويفيد الحاجة إلى النية، إذ الأصل في الأوامر من هذه الحيثية التوصلية كما قررناه في الاصول والتعبدية غير العبادية، إذ الأول هو ثبوت شيء في الشريعة لا لعلة معقولة، والثاني هو كون المطلوب الشرعي متوقفا على الامتثال، وكون توقف امتثاله على نية القربة والاستحباب والوجوب لا يختصان بالعبادات، نعم يمكن أن يقال بتوقف امتثاله على النية من باب كونه جزءا للوضوء، والوضوء مركب عبادي بتمام أجزائه مسلما.
السادس والسابع منها هو قوله (قدس سره): (والمضمضة والاستنشاق، ويستحب التثليث فيهما، وتقديم المضمضة) ففي الحقيقة هذه تؤول إلى استحباب امور ستة، إذ التثليث غير معتبر في تحققهما ولا في مطلوبيتهما بعد وجود مطلقات غير مخصصة، لعدم ثبوت مقيد لها، لعدم فهم الاتحاد الذي هو مناط التقييد لصلوح المقيد لمطلوبيته بنفسه، بل ظهور أخبار الباب فيه ومثله تقديم الاولى على الثاني.
والأصل في مطلوبيتهما فيه بعد الإجماع، لعدم الاعتداد بخلاف العماني وعدم صحة دعواه في النفي أنهما عند آل الرسول ليسا بفرض ولا سنة، لاستناده إلى أخبار اشتبهت عليه السنة في قبال الفرض بمعنى الواجب بالسنة في قبال الفرض بمعنى الثابت بالكتاب الكريم، فإذن المراد بالسنة هو الثابت وجوبه بالسنة دون الكتاب، فيكون المراد أن وجوبهما لا يثبته كتاب ولا سنة.