ثم إن مقتضى إطلاق الفتاوى والنصوص عموم الحكم لغسل نفسها أيضا فيغترف بها الماء ثم يصبه في اليسرى فيغسلها به، هذا. مضافا إلى صريح بعض الوضوءات الحاكية من اغترافه (عليه السلام) باليمنى وصبه في اليسرى ثم غسل اليمنى بها.
ولا ينافيه ما في جملة من الوضوءات البيانية من أنه (عليه السلام) اغترف باليسرى لغسل اليمنى، فإنه لوقوعه على طبق المعتاد لا يدل على الخصوصية ليحكم بحسنه ومطلوبيته كما هو شأن العاديات بخلاف الأول، فإنه لكونه على خلاف العادة فيه دلالة على الحسن والمطلوبية.
الثالث: ما ذكره بقوله (قدس سره): (والتسمية على الوضوء).
(و) الرابع قوله (قدس سره): (الدعاء بالمأثور عندها) أي عند التسمية استحباب التسمية عند ابتداء كل فعل خصوصا اللواتي لها شأن مورد اتفاق النص والفتوى.
ويدل عليه في خصوص المقام قول النبي (صلى الله عليه وآله): " إذا سميت على وضوئك طهر جسدك كله " (1). فثبوت استحبابها عنده غني عن الاستدلال، بل هو من المستحب المؤكد المطلوب تداركه إذا ترك عهدا أو سهوا، كما يشهد له المروي عن: " الذي توضأ بحضرة النبي (صلى الله عليه وآله) وأمره (عليه السلام) إياه بإعادة وضوئه ثلاثا، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): هل سميت على وضوئك؟ قال: لا، قال: سم على وضوئك فسمى فلم يؤمر بالإعادة " (2).
والاستشكال فيه بعدم شرعية الإعادة لفوات مستحب قد تفصي عنه بأنه يمكن أنه لما لم يسم نسي بعض الأجزاء، فلما سمى أعاذه الله من حبائل الشيطان، فلم ينس شيئا. وعن الشيخ حمله على خلو وضوئه عن النية، فكأن التسمية التي أمره الأمير (عليه السلام) بها هي النية لملازمتها إياها، وهو بعيد غاية البعد.
وكيف كان فلا ريب في تأكد استحبابه كما يفصح عنه ملاحظة موارد مطلوبيتها وحسن تداركها ولو في الأثناء ممن تركها عمدا أو نسيانا كما في الأكل،