إحراز المشكوك بقاعدة حمل فعل المسلم على الصحيح أيضا، لا لما ذكره - طاب ثراه - من أن قاعدة الصحة لا تحرز الصحة، بل لأن مجراها بعد إحراز نفس الفعل ووقوع الشك في صحته وفساده، وهنا لم يحرز تحقق الفعل أما في صورة عدم إحراز الفراغ فواضح، وأما في صورة إحرازه مع فرض وقوع الشك في الاخلال العمدي لكن بمقدار يجوز التأخير لهذا الجزء الأخير كما فرضه الأستاذ - طاب ثراه - فلأن وجود الفعل غير محرز، أما نفس المشكوك فواضح، وأما الوضوء فكذلك، إذ بعد دعوى انصراف الأخبار عن مثل الفرض يصير الوضوء أيضا غير محرز التحقق فلا يكون مجرى لقاعدة الصحة، فلذا يجب إتيان المشكوك، ومن تمام ما ذكر علم وجه الاحتياط الذي ذكره الماتن.
قوله (قدس سره): (وكذا لا عبرة بالشك في أصل وجود الحاجب عن وصول الماء إلى البشرة) لأصالة عدمه المجمع عليها في كل حادث شك في حدوثه، وادعى عليه الماتن في جواهره بالخصوص السيرة القطعية الكاشفة عن رأي المعصوم، وأيده بخلو النصوص والفتاوى عن ذكره، مع أنه أولى الأشياء بأن يسأل عنه ويتكلم فيه لمكان غلبة قذى العيون ودماء البراغيث والقملة في الأبدان، وغير ذلك من الواردات. وحكي عليه الإجماع أيضا عن بعضهم، ولكن الأقوى مع ذلك ما يفيده.
قوله (قدس سره): (وإن كان الأحوط البحث عنه حتى يطمئن خصوصا إذا كان الاحتمال معتدا به ولم تكن مشقة) كما علقه عليه الأستاذ - طاب ثراه - بقوله: " قد ذكرنا أن وجوب الفحص لا يخلو عن قوة إلا مع غلبة الظن بالعدم " لأن الإجماع غير محقق والسيرة في جميع الصور غير مسلمة عن المعتنين بعملهم. نعم هي مسلمة في الاحتمالات الضعيفة التي لا يعبأ بها العقلاء فهي في الحقيقة راجعة إلى العمل بالظن، بل الاطمئنان لا الأصل كما هو المقصد، وأيضا الاصول العملية العدمية يعمل عليها بلا فحص في الموضوعات التي لا يترتب عليها المخالفة الكثيرية للأحكام الشرعية الواقعية، فيختص جريانها حينئذ بما إذا لم يكن