تنزيل الخبرين السابقين على خصوص الفرض ولم يحك فيه خلاف عن أحد سوى ما تقدمت الإشارة اليه مما حكي عن الحبل المتين لشيخنا البهائي من إناطته الاستصحاب بالظن الشخصي، وحكي عن شارح الدروس توجيهه بأن اعتبار الاستصحاب من باب الظن لا من باب الأخبار.
وهذا التوجيه مخالف لمذهب القائلين باعتبار الظن في الاستصحاب حيث إنهم يكتفون بالظن النوعي، إذ يعملون بالاستصحاب في مجاريه كالزوجية والملكية والحياة ونحوها، ويرتبون عليها أحكامها باستصحابها من دون التفات منهم إلى إفادة الاستصحاب فيها للظن الفعلي بالبقاء، بل يحكمون بمقتضى الاستصحاب فيها مطلقا وإن لم يحصل لهم ظن فعلي بالبقاء لعارض من العوارض، نعم يعتبرون إفادته له لو خلي وطبعه.
قوله (قدس سره): (ولو علمهما ولم يعلم السابق واللاحق ولا علم تاريخ أحدهما تطهر أما إذا علم التاريخ فالأحوط له ذلك أيضا، بل هو الأقوى) أما صورة جهل التاريخ، بل مطلقا هو المشهور شهرة مطلقة بين القدماء والمتأخرين. وعمدة الدليل عليه توقف الصلاة على الطهور المشكوك تحققه في الفرض، والشك فيها شك في الصلاة كما هو قضية الشرط الساري شكه إلى المشروط، وهذا معنى ما يحكى عن المقنعة والسرائر من: " انه يجب عليه الوضوء ليزول عنه الشك ويدخل في صلاته على يقين الطهارة " انتهى.
وأوضح منهما ما عن المبسوط والتهذيب: " انه مأخوذ على الانسان أن لا يدخل في الصلاة إلا بطهارة فينبغي أن يكون متيقنا بالطهارة ليسوغ له الدخول في الصلاة " انتهى.
ومحصل ذلك ما عن المعتبر في الاستدلال على خصوص الصورة الاولى من قوله: لعدم حصول اليقين بالطهارة، بل ظاهر التذكرة أن هذا هو استدلال كل من قال بهذا القول، وليس المقام من مجاري أصالة البراءة، لأن مجراها الشك في الشرطية لا الشك في تحقق ما هو معلوم الشرطية كما لا ينفع التكلم في أن الطهارة