بلحاظ المفهومين المتغايرين، وكون المتصف بهما هما أصالة لاستقلالهما، وكون اتصاف ذا بهما ثانيا وبالعرض كما في كل مصداق صار مجمعا لمفهومين متغايرين بينهما عموم من وجه كما في ضرب اليتيم ظلما أي من غير رخصة شرعية بقصد التأديب مع ترتبه عليه، ولذا كان أقوى وجوه عدم جواز اجتماع الأمر والنهي عندنا عدم تحقق الإطاعة في ضمن المعصية لا تنافي نفس الحكمين، فإنه يصححه كونهما من جهتين.
ومن هذا البيان ظهر لك أن التداخل هنا رخصة وأن جهة الندب مؤكدة، وأن الأمر الممتثل في المقام تخييري ثبت بتلك الأخبار، فإنها دلت على أن غسل الجنابة الواجب عليك مثلا عينا وكذا غسل الجمعة المستحب عليك عينا المقتضي عينية كل منهما للاتيان به مستقلا مطلقا أنت مخير في امتثال أمره عند اجتماعه مع غيره بايجاده على وجه الاستقلال كما هو مقتضى أمره، وبايجاده بهذا النحو وهو الإتيان بفعل واحد عنه وعن غيره المجامع له كما هو مقتضى الترخيص المستفاد من تلك الأخبار.
فتحقق مما ذكرناه أن ما علقه الأستاذ - طاب ثراه - هنا بقوله: " الأحوط، بل الأقوى عدمه " أي عدم إجزاء غسل واحد عن المجتمعة المختلفة وجوبا وندبا عند جمعهما في النية أن تقويته غير مسدد، وأن الأقوى ما سدده السيد الأستاذ - دام علاه - بقوله: " ما قواه في المتن هو الأقوى "، والله أعلم.
قوله (قدس سره): (ومنها: المباشرة للغسل والمسح على وجه يستند الفعل اليه، فمتى لم يكن كذلك بطل مع الاختيار، وأما مع الاضطرار فلا بأس، ولكن يتولى هو النية) اشتراط المباشرة هو المشهور شهرة محققة، بل عن الانتصار وهي الإجماع عليه، وعن المعتبر كونه مذهب الأصحاب، فما عن ابن الجنيد من استحباب أن لا يشرك غيره في وضوئه بأن يوضيه أو يعينه عليه لا يعبأ به بعدما نحققه دليلا على لزوم توليه الفعل هو بنفسه، كما به يتضح عدم صحة ما قيل به في المقام، ويعطيه ظاهر طائفة من العبارات من كون وجوب المباشرة تكليفيا صرفا لا شرطيا.