أن يؤخذ بقشر ظاهر القاعدة ويجعل هذا أيضا من الشك بعد الفراغ عملا بصورته الفعلية وهي تحقق فعليته بعده، وإن كان بلحاظ الشأنية سابقا بل في الحقيقة حاصلا، لعدم تخلف الأثر عن المؤثر، غاية الأمر غفلة الشاك عنه.
ففعليته بعد الفراغ إنما هو بملاحظة الالتفات اليه لاحدوثه الحقيقي لو لم يدع أنه حالة من حالات الشاعر لا تحقق لها إلا مع الالتفات، وهو ممنوع لأنه كمقابليه من القطع والظن مسببات عن أسباب محصلة لها، وإن غفل الفاعل عنها فهي محفوظة في الخزينة ملتفت إليها صاحبها إجمالا عند الغفلة وتفصيلا عند الالتفات.
قوله (قدس سره): (ولو كان في أثناء العمل قطعه وتطهر، والأحوط اتمامه ثم استئنافه بطهارة جديدة) قد ظهر وجهه مما تقدم، حيث إن إجراء القاعدة في الأجزاء الماضية لا يصحح أصل العمل ولا ينقح تحقق الشرط. ووقوع ما مضى صحيحا لا يقتضي حصول الارتباط بينها وبين اللاحقة مطلقا مع كون الطهارة التي هي شرط في المركب، شرطا له بلحاظ شرطيته لكل جزء جزء منه بمعنى اشتراطه بها من اليد والى الختم، فتكون شرطا في اللاحقة أيضا، فيجب إحرازها فيها، ولم يحرز، بل هي عنها منتفية بحكم الشرع، نظرا إلى الاستصحاب الجاري في المقام بتسليم الكل وعدم معارضة القاعدة له كما عرفت.
فهذا الشخص بمنزلة متطهر انتقض طهارته في أثناء العمل، لأن المحرز بالأصل والقاعدة المعتبرين كالمتحقق في ترتب ما يترتب عليهما، فبلحاظ ما مضى لما يكون محلا للقاعدة ويحكم بكونها صادرة عن المتطهر، وبلحاظ ما سيأتي لما يكون من مجرى الاستصحاب يحكم بكونها خالية عن الطهارة فيفسد، وهذا معنى لزوم قطعه.
ومن هذا البيان ظهر لك وجه الاحتياط وحسنه.
قوله (قدس سره): (ولو كان متيقنا ثم زال عنه اليقين أو بالعكس فالعمل على المتأخر، إلا أن الظاهر عدم وجوب إعادة ما فعله باليقين الأول) لأجل قاعدة اليقين، ولا يذهب عليك أنه مناف لما ذكر (قدس سره) من مسألة تذكر قدم مأخذ