ومن هنا يتجه التفصيل في صورة قصده حدثا بعينه وإن لم ينو عدم غيره بين ما لو كان المنوي أول الأحداث فيصح، لأن الحدث الحاصل مستند اليه وسببية غيره له شأني وبين ما لو كان المنوي غيره فلا يصح، لعدم استناد الحدث الفعلي الحاصل اليه، خلافا لما حكي عن أحد وجهي الشافعية من العكس وهو الصحة لو كان المنوي آخر الأحداث والبطلان لو كان المنوي غيره.
ولكن الأقوى الصحة مطلقا لكفاية توجه قصده إلى المطلق من طرف المعين والغاء خصوصية ما عينه ومثله يأتي من التفصيل فيما لو كان الواقع غير ما عينه، والمعين غير واقع أصلا، بل البطلان فيه أظهر، لأن ما نواه لم يقع وما وقع لم ينوه، ولكن الصحة قوية، لأن بالقصد تعيينه من أجل كونه قنطرة، لتوجه القصد إلى الطبيعة لا لخصوصية فيه، فلذا يلغى قصده إلى الخصوص ويبقى بالنسبة إلى الطبيعة، وهذا معنى ما ذكره في الجواهر من أن الإضافة وجودها كعدمها.
وبهذا البيان الذي ذكرناه تبين وجه الاحتياط والأولوية اللذين ذكرهما هو (قدس سره).
وما علقه هنا السيد الأستاذ بقوله: " هذا الاحتياط لا يترك إذا قصد غير الحدث الواقع أولا، وكذلك في صورة قصد المعين والواقع غيره إذا لم يكن عن اشتباه في المصداق ". وجه التقييد أنه في صورة الشبهة المصداقية قد قصد رفع طبيعة الحدث الموجودة بوجود هذا السبب المشخص المعين الواقع منه، ولكنه أخطأ في تشخيصه حيث حسبه النوم وكان الواقع إغماء، أو تخيل المذي الحاصل بعد البول بلا استبراء سببا في صورة الاشتباه، وظن عدم سببية البلل المشتبه فإن في أمثال تلك الصور يضعف الاحتياط، لأنه قصد رفع الحدث الحاصل ولكنه أخطأ في المصداق اجتهادا أو غفلة عن الواقع.
قوله (قدس سره): (ولو اجتمعت أسباب للحدث الأكبر ونوى رفعها بغسل واحد صح، ولا يحتاج إلى وضوء إذا كان فيها جنابة، وكذا لو نوى رفع طبيعة الحدث المنحل إلى نية رفعها جميعا) قد استطرد (قدس سره) ذكر تداخل