الكذائية التي وقعت في الماء قد غيرته وقهرته وغلبت عليه، سواء حصلت فيه مثل صفتها، أم ما يقرب منها، أم ثالثة لا تشابهها، لتطابق الأخبار جميعها على حصول الانفعال بمثل هذا، فراجعها وتأملها تجدها ناطقة بهذا.
ومن هنا يسع أن يقال: إن الماء المتغير الطاهر إذا وقع فيه نجاسة أزالت تغيره بأن كان مالحا فصار عذبا، أو نتنا فذهب ريحه، أو ملونا فزال لونه وصفا لزم أن يحكم بانفعاله بها، لصدق التغير بها، وغلبة صفتها على صفته وقهرها إياه، المنوط بها الانفعال في أخبار الباب، وأن لا يصغى إلى ما عن بعض من أن المناط تغيير صفة الماء الأصلية، لأنا لم نعرف ما المراد بالصفة الأصلية هل الملحوظ فيها جنس الماء أو نوعه أو صنفه أو شخصه؟ وما المعيار في تمييز النوع والصنف؟
ولا ضابط لشيء منها.
بل عرفت أن المناط تحقق التغيير في الماء بسبب الملاقاة، وهو حاصل.
ولا يفرق فيه بين ما كان الوصف الزائل ذاتيا أو عرضيا، فلا ينبغي إطلاق القول بعدم الانفعال، ولا التفصيل بين الصفات الذاتية كماء النفط والزاج والكبريت على ما زعم، والعرضية كالملون بشيء أو المتعفن بالهواء وأمثالهما، لما عرفت.
ولكن لا يخفى أن مطلق إزالة الوصف غير كافية، إذ ربما يزال الوصف فلا يصدق عرفا أن الماء تغير بملاقاة النجاسة، لاستناد التصفية وذهاب النتانة (1).
قوله (قدس سره): (والمراد بالراكد غير النابع) أي الراكد المحكوم بنجاسته بمجرد الملاقاة الذي لم يخالف فيه إلا العماني هو غير النابع بأقسامه من الجاري والبئر والعين، بل والخارج رشحا، وإن كان في بعضها يحكم بالانفعال على ما يأتي مفصلا.
قوله (قدس سره): (جاريا كان النابع أو غير جار كالبئر على الأصح) ظاهر قوله: " على الأصح إشارة " إلى الخلاف المعروف في البئر بقرينة قوله: " وإن