لأن الغسل الوضوئي عبارة عن اجرائك الماء على المحل، والإجراء عليه في غير صورة كونه داخل الماء لا يمكن تحققه إلا بخرق الماء للهواء الملاصق للبشرة بأي نحو حصل الإجراء، سواء كان بإعانة اليد أم بغيرها أو بنحو آخر، ولا شبهة في صدق التصرف في الفضاء على الإجراء المستلزم لتخريق الهواء وكونهما متحدي الوجود كاتحادهما أيضا فيما لو غمس العضو في الماء ونوى غسله بعد حصول الغمس إذا كان الفضاء الذي شغله الماء مغصوبا، وإن كان الماء والمحيط الذي أحرزه كجدران الحوض مملوكا له وما استثنيناه من الغسل بالرمس هو ما لو فرض مكان الماء، وهو الفضاء الذي صار حيزا له مباحا، والفضاء الذي فوقه المتصل بسطحه الأعلى مغصوبا.
فعلى هذا فما حكي عن العلامة بحر العلوم في الدرس أنه فصل بين الغسل والمسح، فاعتبر إباحة المكان في الثاني، لأنه عبارة عن إمرار اليد فيكون تصرفا في الفضاء دون الأول، لأن الإمرار فيه مقدمة خارجة عن حقيقته فلا يفسد.
لا وجه له، لما عرفت من صدق التصرف في الفضاء في كل منهما بفعل الغاسل والماسح، نعم لا يعتبر فيه إباحة المكان بمعنى مستقر الغاسل والماسح حتى في مثل الفرش أو النعل الذي عليه رجله حال المسح لخروجه عن حقيقة الغسل والمسح وكون اجتماعهما مورديا كالنظر إلى الأجنبية حال الصلاة.
ومما ذكرناه وتحقق في محله أيضا من عدم جواز اجتماع الأمر والنهي وأن الحكم فيه فساد المأمور به في مادة الاجتماع يتضح عدم تمامية ما حكي عن المعتبر وجماعة منهم العلامة وسيد المدارك من القول بالصحة، لاختلاف جهتي الأمر والنهي.
قوله (قدس سره): (أما غيره كالمصب والأواني فمع انحصار الاستعمال فيه يبطل الوضوء، ومع عدمه يقوى الصحة، والأحوط التجنب) أما البطلان مع الانحصار، فلعدم الأمر لقبح التكليف منه تعالى بما لا ينفك عن الحرام، وبما يتوقف امتثال الأمر على ارتكابه، وأما الصحة مع عدم الانحصار، فلعدم تصادق