الشك حيث حكم هناك بسراية الشك، وهنا استظهر عدم وجوب إعادة ما فعله باليقين الأول، لوضوح الفرق بينهما، إذ الاولى مفروضة فيمن دخل في الصلاة غفلة غير محرز لشرطها الذي هو الطهارة لا بيقين ولا بأمارة معتبرة أو أصل كذلك، ومع ذلك قد سرى الشك اللاحق إلى السابق لفرض وجود سببه، فكان كمن شك سابقا كما اشير اليه.
وهذه المسألة الثانية مفروضة فيمن تيقن الطهارة ودخل في الصلاة بذلك الاعتقاد، غاية الامر زوال يقينه حينئذ بشكه اللاحق فيعمل في كل منهما بمقتضى ماله من الفعلية، ومعنى قوله (قدس سره) العمل على المتأخر يراد به الشك الذي هو لازم زوال اليقين لا خصوص ما حصل له من الشك الفعلي.
وملخصه أنه حين اعتقاده بالطهارة يعمل معاملة الطاهر الواقعي، وحين زوال ذلك الاعتقاد يعمل معاملة الشاك في أصل تحقق هذه الطهارة لكن من حين زوال الاعتقاد، ولا يجري فيه الاستصحاب بملاحظة اليقين السابق، لأن مجراه صورة اجتماع اليقين والشك في الشخص بلحاظ الزمانين السابق واللاحق، وما نحن فيه ليس كذلك، لأنه كان معتقدا فزال اعتقاده، فهو الآن شاك غير متيقن ولو بالنظر إلى الزمان السابق.
ومنه يعلم لزوم ايجاد الطهارة عليه للمشروط بها، وأما عدم إعادته العمل الواقع في زمان الاعتقاد فلأجل الاعتقاد وهو قاعدة اليقين ولقاعدة الشك بعد الفراغ، لأنه لم يعلم بطلان اعتقاده الأول ولم يسر شكه اليه، بل هو الآن شاك في أنه لم كان معتقدا في ذلك الزمان؟ ولا أراك بعد هذا البيان يشتبه عليك الفرق بين المسألتين وتشك في شيء مما حكم به الماتن في المسألة من الحكمين.
قوله (قدس سره): (ولو كان متيقنا للطهارة وشك في الحدث لم يلتفت) بل هو متطهر إجماعا نصا وفتوى، والمراد بالشك كما في المسألة السابقة أعم من الظن الغير المعتبر، لما عرفت من جريان الاستصحاب المعتبر في جميع الصور، بل عمدة أخبار الاستصحاب واردة في خصوص مفروض المسألة، وعرفت أيضا