عرفت عدم وجوبها، لما أشرنا اليه من أن قوله (عليه السلام): " اتبع وضوءك بعضه بعضا " سيق لإفادة الترتيب، واستفادته من الوضوءات البيانية ممنوعة، لأنها فيها واقعة على طبق العادة جزما أو ظنا فلا تفيد وجوبها فيه، نعم لا غرو في إفادة الاستحباب والرجحان المطلق من ملاحظة المجموع.
قوله (قدس سره): (ومنها النية وهي القصد إلى الفعل) أما وجوبها فيه بل في كل عبادة فإجماعي كما صرح به الأستاذ - طاب ثراه -، ويظهر هو للمتتبع في كلماتهم، ولذا حكم - طاب ثراه - بطرح ما حكي عن الإسكافي من الاستحباب وشذوذه أو تأويله بإرادة الصورة المخطرة، مضافا إلى أن غير المنوي من الأفعال لا يعد من الأفعال الاختيارية للفاعل المباشر فلا يكتفي به عما طلب صدوره منه اختيارا.
وأما الاستدلال عليه بآية: " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين " (1) والنبويين " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " (2) وقوله (عليه السلام): " لا عمل إلا بنية " (3) فمردود.
أما الآية فبما ذكره الأستاذ من ظهورها في التوحيد ونفي الشرك كما هو صريح جماعة من المفسرين أيضا على ما حكي عن مجمع البيان والبيضاوي والنيشابوري، وجزم به شيخنا البهائي على ما حكي عن أربعينه، ويشهد له عطف إقامة الصلاة وايتاء الزكاة على العبادة الخالصة من الشرك، فيكون الحصر إضافيا، وإلا لزم تخصيص الأكثر على أن ظاهر سياقها كنظائرها من الآيات المحتوية على تلك المادة هو لزوم الإخلاص في العبادة بعد إحراز عباديته، فالآية مسوقة إما لبيان ما هو من أهم الاصول والفروع في جميع الشرائع بقرينة العطف المذكور