مع ما عرفته من الاختلاف فيه، فالأظهر عدم دخوله في الجاري موضوعا كخروج السائل لا عن نبع عنه قطعا، فما عن بعض المتأخرين من تعميمه إليه - مستندا إلى صدق الجاري على الذائب السائل عن الثلج - اشتباه من الإطلاق المجازي التشبيهي على الحقيقي، لما عرفته من صحة السلب عن بعض أفراده بلا تأمل، فيكشف عن أن الإطلاق في المقام ليس إلا لتشبيهه به، لما فيه من الاستمرار زمانا معتدا به، بل في بعض المقامات ليس إلا بمعنى الجري اللغوي، الذي هو الانتقال من محل إلى آخر.
فتنقح أن المحكوم عليه بقوله: " وأنه لا ينجسه شيء مما لاقاه من نجس العين إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه تغيرا حسيا " هو السائل عن نبع كما قواه في جواهره، وقرره شيخنا الأستاذ - طاب ثراه - في طهارته، وقوى انفعال النابع غير الجاري في حاشية النجاة.
قوله (قدس سره) في كيفية انفعال القليل الراكد: (سواء وردت النجاسة عليه، أو ورد هو عليها، على الأصح) أشار بقوله: " على الأصح " إلى قول العماني والكاشاني والمحدث الفتوني بعدم انفعاله مطلقا، وإلى ما نسب إلى ناصريات السيد وابن إدريس في السرائر من الفرق بين الوارد والمورود باختصاص الانفعال بالثاني، وإلى ما حكي عن الشيخ من عدم الانفعال بما لا يدركه الطرف من الدم.
ولقد أطال في جواهره بذكر الأخبار الدالة على الانفعال، والأخبار التي يمكن أن يستدل بها للعماني مع وجوه أخر له، لا أرى لتعرض الجميع والنقض والإبرام في التصحيح والتزييف كثير فائدة، بعد وضوح المسألة بالإجماعات المحكية، والأخبار المتواترة، بل قيل: إنها تبلغ ثلاثمائة.
ولقد أجاد شيخنا الأستاذ في شرح الإرشاد حيث اقتصر على اللباب بذكر ما هو واضح الدلالة على وجه لا يحوم حول تأويله او لو الألباب. ومن طرف العماني بذكر ما هو ظاهر الدلالة من غير المطلقات، لعدم الجدوى فيها وإن