وظاهر هذه الروايات كما تراه ينادي بالكراهة مع ما عرفته من أنه لم يقل أحد بحرمة الإعانة في مقدمات العبادة، بل ظاهرهم أن الإعانة في المقدمات مكروهة، فهذا من أبين الشواهد على عدم إرادة الحرمة في الأخبار المستدل بها على الحرمة المفسرة للآية، بل ظاهرها الكراهة إما بنفسها أو بمعونة القرائن الموجبة لرفع اليد عن ظاهرها لو سلم تمامية دلالتها على الحرمة، فيجب من أجلها التصرف فيها، وحملها على خلاف ظاهرها لو سلم ظهورها في الحرمة أو ترجيح المفسرة للآية بخلافها عليها وتقديمها عليها.
هذا تمام الكلام في الشق الأولي وهو لزوم المباشرة مع الاختيار واستفيد منه بالإشارة جواز الاستنابة في ايجاد أفعال الوضوء عند الاضطرار بعد قيام الدليل الوافي على الرخصة في تلك الحال، لما ذكرناه أن ظاهر الأمر لولا القرينة هو مطلوبية الفعل من شخص المأمور، ولكنه قد يقوم دليل ولو من الخارج بحصول المطلوب ولو تسبيبا إما مطلقا كما في جملة من المستحبات أو بعد رفع التمكن عن المباشرة كما في ما نحن فيه، للإجماع الذي ادعاه الأستاذ - طاب ثراه - في المسألة ونقله عن غيره أيضا ويساعده التتبع، لأنه لم يعرف فيه مخالف ولم يجد الماتن فيه مخالفا كما في جواهره ويعضده حكمة لزوم المباشرة في حال الاختيارمن أن المقصود بالأمر إطاعة المأمور بشخصه، وتذلله وتخضعه، فهو مطلوب منه بقدر الامكان والقدر الممكن منه في تلك الحال هو ذا - أي الفعل التسبيبي - لاستناد الموجد بالتسبيب إلى الفاعل السببي أيضا.
وربما يستأنس له بالأخبار التي استدل بها عليه، لعدم تمامية دلالتها عندنا.
منها: ما استدل به الأكثر من صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: " أنه (عليه السلام) كان وجعا شديد الوجع فأصابته جنابة وهو في مكان بارد، قال (عليه السلام): فدعوت الغلمان فقلت لهم: احملوني فاغسلوني فحملوني ووضعوني على خشبات ثم صبوا علي الماء، فغسلوني " (1). وجه عدم الدلالة أن القضية