تلك الأوعية على ما يبلغ ماؤها كرا.
كما يشهد له التفصيل بين متفسخ تلك الميتات المراد به النتن الذي يتغير الماء بريحه، وغير متفسخها الغير المنتنة، كما يفصح عنه لفظ " الطرية "، للإجماع - حتى من العماني القائل بعدم الانفعال - على أن الماء القليل لا يتفاوت حاله عند ملاقاته الميتة بين كونها متفسخة أو غير متفسخة، فلا بد من حمل مورد الخبر على الكر كلزوم الكناية عن نتنها بتفسخها، ليخرج عن خلاف الإجماع، كما رد الخبر بعضهم لذلك، وقوله (عليه السلام): " نحو حبي هذا " (1) في تحديد الكر، وقول أبي عبد الله (عليه السلام) لما سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة أنها تردها الكلاب - إلى أن قال (عليه السلام) -:
" وكم قدر الماء؟ فقيل: إلى نصف الساق والى الركبة، فقال: توضأ منه " (2).
وقوله (عليه السلام): " لا تشرب من سؤر الكلب إلا أن يكون حوضا كبيرا يستقى منه " (3)، بعد جبر سند غير الصحيح منها بالشهرة المحققة والإجماع المدعى، فالمسألة غير قابلة للشك بحمد الله.
قوله (قدس سره): (ويطهر النابع بزوال التغيير ولو من قبل نفسه، لأن له مادة) الأقوى عدم طهره بذلك وتوقفه على المزج بما يخرج من مادته بعد الانفعال كما علقه شيخنا بقوله: " الأقوى أنه لا يطهر إلا بامتزاجه بما ينبع منه بعد الملاقاة " لما قدمناه من أن من شرط التطهير ورفع القذارة عن المحل وصول المطهر إليه وتأثيره فيه، ومع عدم المزج لا يصدق الملاقاة والإصابة والوصول، فلا يطهر بمجرد الاتصال والاتحاد.
فإن قلت: فلم اكتفيتم بمجرد زوال التغيير في الجاري؟
قلت: ليس الوجه فيه مجرد الاتصال بالمادة أو صدق الاتحاد، بل إنما هو لحصول المزج بالمعتصم، كما لا يخفى هذا، مع أن الاتصال هنا بالمادة في بعض