ومنه يعلم أن الاستحباب المستفاد من الأول ليس من باب أن ترك المكروه مستحب حتى يناقش فيه، بل خصوص التعبير يفيده. وعن الغنية والتذكرة الإجماع على الاستحباب أو على الكراهة بغير وضوء. كما أن عن المعتبر عليها علماءنا. ومقصودهم ظاهرا كراهته من غير وضوء كما في الموثق، فاستحباب الوضوء إنما هو لكون الكراهة مرتفعة به فاكتفوا بذكرها عن ذكر ما تتوقف عليه، كما ينبئ عنه رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " لا ينام المسلم وهو جنب، ولا ينام إلا على طهور، فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد، فإن روح المؤمن تروح إلى الله عز وجل فيلقها ويبارك عليها، فإن كان أجلها قد حضر جعلها في مكنون رحمته، وإن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع امنائه من ملائكته فيردها في جسده من قوله (عليه السلام): ولا ينام إلا على طهور بعد قوله: لا ينام المسلم " (1).
ومنه يعلم عدم الفرق بين الجنابة وغيرها من الأحداث الكبيرة، فما في الجواهر من تضعيفه جريان الحكم في كل محدث بالحدث الأكبر. وتضعيفه الاستدلال بما دل على استحباب التطهر لمن أراد النوم الشامل للمقام بأنه لا يفيد الاستحباب المخصوص كالجنب. ففيه أن ظاهر كلمة " لا ينام المسلم إلا على طهور " استحبابه لكل محدث كغيرها مما دل على استحباب التطهر لمريد النوم من غير ملاحظة حدث خاص.
نعم يبقى منع دلالتهما على استحباب التوضي لمن لا يرتفع حدثه به، لعدم صدق التطهر في حقه والخطب فيه سهل، لأنه بعد أن ثبت في الأقوى وهو الجنابة كما هو قضية الموثق المتقدم ثبت في الأضعف بطريق أولى بعدما علم أن المقصود منه تخفيف الحالة الحدثية كما ينبئ اليه الأمر بالتيمم في رواية أبي بصير هذه، ويرشد اليه الآمرة بالوضوء للجنب لغير نومه أيضا، مع أن الوضوء لا يرفع من