المصحف، فقال: لست على وضوء، قال (عليه السلام): لا تمس الكتاب " (1) يعني الكتابة والخط ومس الورق واقرأ، وفي الموثقة قال: " سألت أبا عبد الله عمن قرأ من المصحف وهو على غير وضوء، قال (عليه السلام): لا بأس ولا يمس الكتاب " (2) أي الخط، وهذا المقدار كاف في ثبوت الحكم الفرعي.
وأما تعميم الحكم للمد والتشديد فلأنهما بدلان عن الحرف المدرج في الممدود والمشدد كما ينبئ عنه تعبيرهم عنهما بالقائم مقام الحروف كالهمزة، بل الأقوى دخول الحركات البنائية والاعرابية أيضا، لأنها نقوش هيئات الألفاظ، كما أن الحروف نقوش موادها. ومنه يعلم حال الحروف المبدلة، وأما الحروف الحاكية عن الحروف المقلوبة عند القراءة على النهج العربي كالنون والميم المكتوبتان بالحمرة فالظاهر خروجهما عن القرآن، لأنهما ليستا مما يتركب منها ألفاظه وإنما هما حاكيتان عن حروفه المقروءة وعلامتان لها.
قوله (قدس سره): (وأما أسماء الأنبياء والأوصياء والملائكة فله مسها ما لم تدخل في القرآن، وإن كان الأولى بل الأحوط في الأولين تركه مع قصد المسمى) لأن تعظيم الاسم إنما جاء من قبل المسمى، ومن أجله حكموا بحرمة مس اسم الله تعالى وأخرجوها من حرمة مس كتابة القرآن حيث استفيد من أخبار منع مس الكتاب الكريم بغير وضوء إنه لتكريمه وشرافته فألحقوا به أسماء الله للفحوى، فلذا يناسب أن لا يمس أسماء الأنبياء والأوصياء أيضا بغير وضوء، لأن شرافتهم لا ينقص عن القرآن لو لم نقل: إن بعضهم أكرم عند الله تعالى منه.
ولعله لذا ذهب الأستاذ الشيخ - طاب ثراه - إلى منع المس بغير وضوء فعلق على قول الماتن: " بل الأحوط " بقوله - طاب ثراه -: " لا يخلو عن قوة ظاهرا "، وإن كان في إثبات مثل هذا الحكم بمثل هذا الدليل كلفة وتعسف. فاذا لا مناص إلا الأخذ بالأوثق والحكم بما يقتضيه الحزم.