ولا يخفى أن استحبابه في المقام نفسي بمعنى مطلوبيته لتلك الغاية بالرواية على وجه التسبيب لا أن استحبابه ناش عن استحباب غايته كما هو شأن المطلوبات الغيرية. لا أقول: إنه في المقام مطلوب لنفسه، لعدم خفاء كون مطلوبيته فيه أيضا للغير، وإنما نفينا عنه المطلوبية التبعية الناشئة عن مطلوبية الغير، فليفهم.
وأما الرابع: فلرواية عبد الحميد عن أبي الحسن (عليه السلام) قال (عليه السلام): " المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خطه ولا تعلقه إن الله يقول لا يمسه إلا المطهرون " (1) حملا للنهي على الكراهة لضعفها سندا عن إثبات الحرمة مع الغض عن تحقق الإجماع على عدمها فيه، ثم استفادة الاستحباب على نحو استفادة الوجوب من النهي عن المس كما تقدم.
وأما الخامس: فللروايات النافية للوضوء في ما عدا الصلاة والطواف من أفعال الحج المستفاد منها ومن غيرها استحبابه لها وليصب من محله.
وأما السادس: فلما رواه عبد الحميد بن سعيد قال: " قلت لأبي الحسن:
الجنازة تخرج ولست على وضوء فإن ذهبت أتوضأ فاتتني، أيجزيني أن اصلي عليها وأنا على غير وضوء؟ قال (عليه السلام): تكون على طهر أحب الي " (2)، وظاهر الرواية وإن أفاد أن ترك الصلاة أحب اليه (عليه السلام) من فعلها بلا وضوء، ولكن المراد منها الاهتمام بشأن الوضوء لها وايقاعها معه مهما أمكن لا الترك رأسا في حال عدم الوضوء.
وأما السابع: فاستدل عليه الماتن في جواهره بالتسامح في أدلة السنن لفتوى جماعة باستحبابه، مضافا إلى كونه من تعظيم الشعائر كما استدل به جمع، وبالمرسل الذي حكاه عن الذكرى وجامع المقاصد، وعبارة الجامع دالة على ورود النص به بخصوصه حيث قال: واستحبابه لزيارة القبور مقيد في الخبر بقبور المسلمين، ولكن في كشف اللثام قال: " ولم أظفر لخصوصه على نص " بعد أن قيد