حدث الجنب شيئا كما هو دخيل لرفع غيرها من الأحداث الكبار. وهذا ما أشرنا اليه من الأولوية ومما يشيد العموم ما ورد في وضوء الحائض عند جلوسها في مصلاها لذكر الله. وما عن الارشاد عن النبي (صلى الله عليه وآله): " أن الله تعالى يقول: من أحدث ولم يتوضأ فقد جفاني " (1) الحديث.
فاتضح من تمام ما ذكر من الأخبار وكلمات الأخيار ومعقد الإجماع مطلوبيته بعنوان الطهورية للنوع مطلقا، فهو في المحل القابل رافع وفي غيره مخفف، فإذن لا يصغى إلى أن ما يكون غايته الحدث كيف يرفع الحدث؟! كما سيأتي.
وأما العاشر: فاستدل عليه الماتن في جواهره بمرسلين حكاهما عن الذكرى والمدارك حيث إنهما بعد ذكرهما الوضوءات المستحبة ذكرا كما في المدارك، وقد ورد بجميع ذلك روايات، وبما ورد في استحبابه لجماع المجامع مرة اخرى.
وعن النزهة التعليل لاستحبابه له بأنه " لا يؤمن إذا جامع قبل أن يغتسل أو يتوضأ إذا حملت من ذلك الجماع أن يجي الولد مجنونا "، ونحو هذا التعبير مشعر بعثوره على رواية بهذا المضمون، لأنهم رضوان الله عليهم لا يتفوهون بحكم من الأحكام وبعللها من قبل أنفسهم رجما بالغيب ما لم يصل إليهم من أئمتهم فيها شيء. ولما لم يكن هذا الوضوء مما يرفع به حدث أو يباح به المشروط بطهارة لا غرو في القول باستحبابه بتلك الاشعارات تسامحا في أدلة السنن بعد ثبوت مشروعيته للجنب وعدم حرمته عليه من غير جهة التشريع، والتشريع مرتفع بأدلة التسامح وبالاذن المستفاد مما ذكر.
وأما الحادي عشر والثاني عشر: فلرواية ابن عبد ربه عن الصادق (عليه السلام): " عن الجنب أيغسل الميت؟ أو من غسل ميتا أيأتي أهله ثم يغتسل؟ قال (عليه السلام): هما سواءلا بأس بذلك إذا كان جنبا غسل يده وتوضأ، وغسل الميت وهو جنب وإن غسل ميتا ثم أتى أهله توضأ ثم أتى أهله، ويجزيه غسل واحد لهما ".