قوله (قدس سره): (كما أن الأحوط اعتبار عدم المندوحة في التقية مطلقا خصوصا في المسح على الخفين وشرب المسكر ومتعة الحج، وإن كان الأقوى خلافه في الثلاثة وغيرها خصوصا في أماكن سطوتهم وسلطنتهم، بل الظاهر استحباب التحبب إليهم فيها بالتقية) قد اختلف كلمة الأصحاب في اعتبار عدم المندوحة في شرعية التقية وفي كيفية عذريتها، فعن المدارك ومحكي بعض متأخري المتأخرين اعتبار عدمها فيها، وكونها كسائر الأعذار المتوقف تحقق عذريتها على عدم المناص عنها، وهو صريح ظاهر من تمسك فيها بأدله الحرج كما عن الفاضلين، ولكن عن صريح البيان وجامع المقاصد والروض كفاية ترتب الضرر على تركها في جواز العمل بمقتضاها وإن قدر الفاعل على التخلص عنها بتغيير الوقت أو المكان أو غير ذلك، فالمعتبر في عذريتها كون مخالفتها مظنة الضرر بمقتضى حال المكلف بما هو عليها بعكس المدارك ونظرائه فإن ضرريتها عندهم منوطة بعدم إمكان التخلص عنها بوجه من الوجوه، وإلا فتزول ومع ذلك قد ادعى غير واحد أن خصوص التأخير إلى آخر الوقت غير لازم فيها فتفارق سائر الأعذار عند من يوجب الانتظار، ولم يجوز البدار فيها.
والأقوى ما حققه الأستاذ من التفصيل بين ما يوجب تغيير الموضوع فلا يجب، وما يوجب تلبيس الأمر على المخالف مع ايجاده الفعل بطبق الواقع متلبسا بصورة الخلاف من دون تغيير المكلف حالته التي هو عليها، فيجب كما علقه على الرسالة بقوله (قدس سره): " الأقوى اعتبار عدم المندوحة في مكان التقية، نعم لا يجب التفصي عن موضوع التقية بأن يخرج إلى مكان لا تقية فيه أو يبذل مالا ليأمن من الخوف " (1) لرواية البزنطي عن إبراهيم بن هاشم قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني أسأله عن الصلاة خلف من تولى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يمسح على الخفين " قال: