الخصوصية، فذكر كيفية وقوع الفعل بنحو خاص من مثل هذا الشخص دليل على أن لتكيفه بتلك الكيفية دخلا في صيرورته متعلقا للحكم، وليس هذا من قبيل نفس صدوره من الفاعل حتى يتأتى فيه أن يقال: إنه أحد أقسام وقوع الفعل في الخارج، وليس لاتصافه بتلك الخصوصية دخل في الحكم، إذ الوجود في الخارجي لابد ان يكون متكيفا بكيفية من الكيفيات الخاصة، لأنه لازم توقف وجود الكلي على التشخص.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن حكاية زرارة فعل أبي جعفر بعنوان أنه غسل من الأعلى لو لم تكن لخصوصيته مدخليه لم يكن يذكره في مقام الحكاية، فذكره أقوى شاهد على أنه أراد بيان ماله دخل في الغسل الوضوئي. وإذا ثبت مدخليتها في حصول المطلوب من غسل الوضوء وجب أن يقال بكونه من الآداب الواجبة فيه، لمعلومية أنه مع المدخلية ليس من الآداب المرخص في تركها ما لم يقم في المقام شيء يدل على عدم اللزوم، أو لم يثبت من الخارج عدم لزومه.
ولا يرد حينئذ ما أورده الشيخ الأستاذ - طاب ثراه - من أن حمل الوضوء البياني على بيان واجبات الوضوء غير ممكن، للعلم باشتماله على مندوبات، لما عرفت أن الاشتمال على المندوبات غير مضر على ما أسسناه لبيان ما أردناه من استفادة الوجوب من الوضوءات البيانية، حيث إنا لم نجعل مورد الاستفادة نفس الفعل حتى يرد عليه أن اشتمال الفعل على مندوبات يمنع عن إفادته وجوب بعض الخصوصيات المشتمل هو عليها، بل جعلنا مورد الاستفادة حكاية زرارة الفعل الواقع منه (عليه السلام) على وجه التعليم والإفادة بوجه مخصوص. كما لا يرد ما ذكروه في منع وجوب التأسي من أن الفعل العادي ليس موردا للتأسي، لعين ما قلناه.
وبالجملة حكاية زرارة لتلك الخصوصية دليل على أنه فهم من فعله (عليه السلام) دخل تلك الخصوصية في الغسل الوضوئي، وفهمه حجة، لأن الفعل وقع إعلاما له بالكيفيات المعتبرة في هذا الفعل المطلوب المعترك للآراء بلحاظ ما تصرف فيه العامة وغيروه عما ينبغي وقوعه عليها. وعرفت أنه بعد إحراز المدخلية لا بد أن