شرح نجاة العباد - آخوند ملا أبو طالب الأراكي - ج ١ - الصفحة ٢٤٠
عليها، ولاهناك تعارف يقتضيها ولا حرج في فعل ما يقابلها ليوجب رفعه المصير إليها مضافا إلى أن المحكي من فعله (عليه السلام) متضمن للابتداء الحقيقي، لأنه (عليه السلام) لم يدع شيئا من وجهه غير مغسول ولا غسله بغير تلك الصبة التي عبارة عن وضعه (عليه السلام) الماء على أعلى وجهه أو على جبينه، لأنه حكي أن بعد وضعه (عليه السلام) الماء على أعلى وجهه أو على جبهته مسح وجهه من الجانبين، ولم يذكر أنه مسح موضع الوضع أيضا، فلو لم يكن وضعه من الأعلى الحقيقي لزم تركه (عليه السلام) لشيء من أعلى وجهه غير مغسول، وهو باطل.
فإذا تبين أن غسله (عليه السلام) المأتي به في مقام حكاية وضوئه صلوات الله عليه عند إرادته (عليه السلام) تعليم أصحابه ما يحق لهم في ايجاد الوضوء المأمور به كان من الأعلى الحقيقي لزم متابعته، لأنه الأصل في كل تحديد. فإذا ثبت الابتداء بالغسل من الأعلى بتلك الأخبار فليحمل على ما ليس أعلى منه، للأصل المذكور لما ذكرناه من لزوم متابعة الكيفيات الصادرة عنه (عليه السلام) في وضوئه في غير ما قامت القرينة على عدم لزومه منها كالعاديات المعلومة والمستحبات كذلك.
وذكرنا أنه ليس أيضا من تخصيص ما استفدناه من عموم وجوب المتابعة حتى يتأتى عليه أنه من التخصيص المستهجن، لكون المخرج أكثر مما بقي، بل هو خارج من أول الأمر، لقيام القرينة الحالية على خروجه لمعلومية كونه من الأفعال العادية، أو من المندوبات الواضح الندبية. وهذا النحو من الخروج لا استهجان فيه، وإن بلغ المخرج في الكثرة ما بلغ.
فتبين مما ذكرنا أنه كما لا يجوز الشروع بغير الأعلى كذلك لا يجوز تحصيل غسل الأعلى وغيره دفعة واحدة بأن يوجد غسل وجهه بصب واحد يتحقق به غسل جميع الوجه دفعة واحدة، أو يضع وجهه في الماء، أو يعرضه لمطر أو ماء جار، وينوي غسل جميعه باستيلاء الماء عليه بتمامه.
ولا يرد عليه ما ذكره في الجواهر من أن وجوب البدأة بالأعلى كما ينافيه النكس كذلك ينافيه المقارنة، ثم فرع عليه أنه يشكل الثاني بأنه يلزم منه فساد
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست