اجتهد قوم من الأفاضل في إيضاحه وشرحه، وقوم في نقض قواعده وجرحه، ولم يجر أكثرهم على قاعدة الأنصاف ولم تخل بياناتهم عن الميل والاعتساف.. الخ.
فكلماته المنبئة عما جرى على الناس من الزيغ والالتباس حتى اعتنوا على غير المحصل وبنوا كبان على غير أساس، تدلك على أن التجريد حرر بعد النقد نسخا للمحصل لتحصيل الحق بالتحقيق وإزهاق الباطل بالحقيق ووزان التجريد إلى المحصل وزان شرحه على كتاب إشارات الشيخ إلى شرحه عليه، فقد قال في أوله بما فعله بشرحه عليه ما هذا لفظه: فهو بتلك المساعي لم يزده إلا قدحا، ولذلك سمى بعض الظرفاء شرحه جرحا.
والكتابان الكشف وشرح الخواجة على الإشارات قد تناولتهما أيادي أرباب العلوم العقلية في الأكناف، وتداولتهما ألسنة أصحاب التحصيل في الأطراف من زمن تأليفهما إلى الآن، وقد خلى أكثر من سبعة قرون، وهما سناما الكتب الدرسية من الكلامية والحكمة المشائية. ولم يأت أحد بعدهما مع طول العهد بتأليف يضاهيهما بل الكل يباهي بتعليمهما وتعلمهما، اللهم إلا بالتعليق الإيضاحي على طائفة من مسائلهما، أو الشرح التفصيلي عليهما.
ثم لا يعجبني أن أصف لك ما كابدته طول مدد مديدة في عمل هذا الكتاب القيم حتى استقام على هذا النهج القويم. فكأنك تظن بالنظرة الأولى أنه تأليف جديد عرضناه عليك، ولكنه (كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد) للعلمين الآيتين على الإطلاق المحقق الطوسي والعلامة الحلي رضوان الله تعالى عليهما، وقد قيض الله سبحانه لنا وأنفذ إنقاذه من دياجير تحريفات مظلمة مشوهة موحشة ينبئك عنها عرضه على ما طبع منه من قبل أي طبع كان.
ولما كان شهرة الكتاب وعظم شأنه وجلالة قدر ماتنه وشارحه المشتهرين في الآفاق قد أغنتنا عن الوصف والتعريف فإنما الحري بنا إراءة ما جرى على الكتاب وعمل فيه من جدد التصحيح بعون الهادي إلى الصواب، وهو ما يلي:
أولا: أن أستاذنا العلامة الشعراني قدس سره الشريف كان شديد الاعتناء