أقول: لما بحث عن المكان وكانت الجهة ملائمة (1) له حتى ظن أنهما واحد عقبه بالبحث عنها وهي على ما فسرها جماعة من الأوائل عبارة عن طرف الامتداد الحاصل في مأخذ الإشارة وذلك لأنا نتوهم امتدادا آخذا من المشير ومنتهيا إلى المشار إليه فذلك المنتهى هو طرف الامتداد الحاصل في مأخذ الإشارة.
قال: وليست منقسمة.
أقول: لما كانت الجهة عبارة عن الطرف لم تكن منقسمة لأن الطرف لو كان منقسما لم يكن الطرف كله طرفا بل متناهية (2) فلا يكون الطرف طرفا هذا خلف، ولأن المتحرك إذا وصل إلى المنتصف لم يخل إما أن يكون متحركا عن الجهة فلا يكون ما تخلف من الجهة أو يكون متحركا إليها فلا يكون المتروك من الجهة.
قال: وهي من ذوات الأوضاع المقصودة بالحركة للحصول فيها وبالإشارة.
أقول: الجهة ليست أمرا مجردا عن المواد وعلائقها بل هي من ذوات الأوضاع التي تتناولها الإشارة الحسية وتقصد بالحركة وبالإشارة فتكون موجودة. وإنما قيد القصد بالحركة بقوله: للحصول فيها، لأن ما يقصد بالحركة قد يكون موجودا كالجهة فإنها تقصد بالحركة لأنها تقصد الحصول فيها، وقد يكون معدوما كالبياض الذي يتحرك الجسم إليه من السواد فإنه معدوم وليس مقصودا بالحركة للحصول فيه بل لتحصيله.
قال: والطبيعي منها فوق وسفل (3) وما عداهما غير متناه.