وإفصاحه عن حق المرام، وكانت دراسته طول قرون سائرة بين الأعلام، ودائرة بين طالبي الأيقان من أهل الاسلام، كأنه كاد أن يكون منسيا، وينحى عن الكتب الدرسية منحيا ومرميا، مع أنك لا تجد كتابا آخر في الكلام كان له بديلا، فأقول لك قاطعا: ليس هذا إلا لمكان فصول الإمامة فيه وقد توازرت أياد وازرة بأفواه منكرة وآراء فائلة على إنسائه فتبصر.
وأنت ترى مؤلف الشرح القديم العامي الإصبهاني يصف التجريد أولا ثم يعزى المحقق الطوسي إلى العدول عن سمت الاستقامة في مباحث الإمامة، وهذا ما أتى به في أول كتابه بألفاظه: وقد صنف فيه - يعني في علم أصول الدين - مصنفات شريفة ومختصرات لطيفة من جملتها المختصر الموسوم بالتجريد المنسوب إلى المولى الأمام المحقق العلامة النحرير المدقق الحبر الفاخر والبحر الزاخر، المكمل علوم الأولين أفضل المتقدمين والمتأخرين سلطان الحكماء المتألهين نصير الملة والحق والدين مطاع الملوك والسلاطين محمد الطوسي كساه الله جلابيب رضوانه وأسكنه أعلى غرف جنانه، وهو صغير الحجم غزير العلم. يحتوي من الرقائق الأصولية على أسناها، وينطوي من الحقائق العلمية على أجلاها، يشتمل على بدائع شريفة وغرائب لطيفة، لكن لغاية الإيجاز نازل منزلة الألغاز فأشار إلى من طاعته فرض بأن أشرح له شرحا أحرر معاقده وأقرر قواعده وأشير إلى أجوبة ما أورد فيه من الشبهات خصوصا على مباحث الإمامة، فإنه قد عدل فيها عن سمت الاستقامة وسميته بتسديد العقائد في شرح تجريد القواعد. إنتهى ما أردنا من نقل كلامه ملخصا.
ثم إن الكتاب بشهادة جميع نسخه والتذكرة الرجالية موسوم بتجريد الاعتقاد، فما ترى من تسمية شرحه بتسديد العقائد في شرح تجريد القواعد، وما أوجب العدول عن الاعتقاد بالقواعد فاحدس أن تحذلق فئة نكراء واقتفاء أغمار عمياء دار فيما أشرنا إليه من الإنساء. ولكن الله متم نوره ويهدي من يشاء. نعم قد نقل في الذريعة (ج 3 ص 354) أنه سماه: تسديد القواعد في شرح تجريد