وعن المعتبر أنه كسائر الدماء قائلا - في وجه قول الشيخ بعد الاعتراف بعدم عثوره على نص في ذلك -: " ولعل الشيخ نظر إلى اختصاص دم الحيض بوجوب إزالة قليله وكثيره من الثوب، فغلظ حكمه في البئر وألحق به الدمين الآخرين، لكن هذا التعليل ضعيف، فالأصل أن حكمه حكم بقية الدماء عملا بالأحاديث المطلقة " (1) انتهى.
وتنظر فيما ادعاه من إطلاق الأحاديث بعد ما استوجه التسوية بينه وبين بقية الدماء، واستحسن ما ذكره من ضعف التعلق بالتوجيه المذكور، ولعل وجه النظر في دعوى الإطلاق ما قيل فيه من دعوى الانصراف، المقتضي للحوق المقام بما لا نص فيه، لكنه عند التأمل في حيز المنع، والظاهر أن الإطلاق ثابت.
وقد يحكى عن ابن البراج (2) قول بوجوب نزح الجميع لعرق الجنب حراما، وعرق الإبل الجلالة، والفيل، وآخر عن أبي الصلاح (3) بوجوبه لروث وبول ما لا يؤكل لحمه مطلقا، كما نسبه العلامة في المختلف (4) أو في غير بول الصبي والرجل كما نسبه في الذكرى (5) على ما حكي.
وأورد على الجميع بعدم ورود الدليل عليه.
وقد يوجه: بأن هذا القائل لعله يقول بوجوب نزح الجميع فيما لا نص فيه، فاعترض بأن لا وجه حينئذ لإفراد هذه الامور بالذكر، وكأنه لذا عد الشهيد في الدروس (6) من جملة ما يجب فيه نزح الجميع نجاسة لا نص فيها بناء له على الأحوط، ونحوه محكي عن الشيخ في المبسوط قائلا: " بأن الاحتياط يقتضي نزح جميع الماء " (7) ويظهر منه الميل إلى اختيار أربعين الذي هو أحد أقوال المسألة، لقوله - عقيب الكلام المذكور بلا فصل -: " وإن قلنا: بجواز أربعين دلوا منها، لقولهم (عليهم السلام): " ينزح منها أربعون دلوا إن صارت مبخرة " (8)، وفي بعض النسخ المحكية عنه " وإن صارت منجرة " (9).