واحتج للقول الأول - كما في المنتهى - (1): بأنه ماء محكوم بنجاسته، فلابد من النزح والتخصيص ببعض المقادير ترجيح من غير مرجح، فوجب نزح الجميع.
ومرجعه إما إلى الاحتياط كما تقدم عن الشيخ (2)، بدعوى: أن مع نزح الجميع يحصل القطع بجواز الاستعمال ومع نزح البعض لا يحصل اليقين بالجواز.
أو إلى الاستصحاب كما في كلام جماعة وهو الظاهر، ويمكن كونه وجها آخر غيرهما كما هو الأظهر، وعلى أي حال فهذا القول هو الأقرب بناء على القول بالنجاسة، للاستصحاب السليم عن المعارض، ولا مجال لأصل البراءة هنا لأنه لا يفيد حكم الطهارة عند الشك في النجاسة، وكذا الحال لو قلنا بوجوب النزح وجوبا شرطيا لرجوع الشك حينئذ إلى ارتفاع المنع عن الاستعمال بغير نزح الجميع، وواضح أن الأصل عدمه.
نعم، على تقدير كون وجوبه في قول من لم يقل بالنجاسة تعبديا صرفا كان المتجه الاكتفاء بالأقل وهو نزح ثلاثين، لو قلنا بانحصار أقوال المسألة في الثلاثة انحصارا نافيا للقول الرابع، كما هو الأصل المقرر في كل أكثر وأقل يدور الأمر بينهما في التعبديات الصرفة.
نعم، يشكل الحال هنا على القول المختار من استحباب النزح من حيث أنه في جميع موارده يتبع النص ولو ضعيفا، ولا نص هنا بالقياس إلى شئ من أقوال المسألة، ولو قيل باستحباب نزح الجميع احتياطا خروجا عن شبهة النجاسة أو الوجوب تعبدا لم يكن بعيدا كما لا يخفى.
واحتج للقول بالأربعين: بما تقدم عن الشيخ (3) وقد عرفت عدم نهوضه دليلا عليه في سنده ولا دلالته، قال في المدارك - بعد القدح فيما ذكر بنحو ما مر مفصلا -: " نعم يمكن الاستدلال عليه بصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع المتقدمة في أدلة الطهارة، فإنها صريحة في الاكتفاء في طهارة البئر مع تغيره بنزح ما يزيل التغير خاصة وعدم وجوب نزح الماء كله، ومتى انتفى وجوب نزح الجميع مع التغير انتفى مع عدمه بطريق أولى، فيثبت الأربعون لعدم الجزم بحصول الطهارة بالثلاثين " (4) انتهى.