العنوان الذي حكي الخلاف فيه على القول بالنجاسة المتوقف رفعها على نزح المقدرات الواردة في الشريعة من قيام سائر الطرق المطهرة للماء مقام نزح المقدر هنا وعدمه.
فعن جماعة أنهم صرحوا بعدم انحصار طريق تطهير البئر حيث حكم بنجاسته في النزح، بل هو طريق يختص به، وهو يشارك غيره من المياه في الطهارة بوصول الجاري إليه أو وقوع الغيث عليه أو إلقاء الكر على ما مر تفصيله، وهو ظاهر العلامة في المنتهى قائلا: " لو سبق إليها نهر من الماء الجاري وصارت متصلة فالأولى على التخريج الحكم بالطهارة، لأن المتصل بالجاري كأحد أجزائه فخرج عنه حكم البئر " (1)، ويوافقه عبارته المنقولة عن القواعد قائلا: " لو اتصلت بالنهر الجاري طهرت " (2)، بل قد يقال: كما أنها تشارك غيرها في المطهر فكذلك قد يشاركها غيرها في التطهير بالنزح كالغدير النابع على ما هو ظاهر صحيحة ابن بزيع الشاملة لكل ذي مادة، وأفتى به الشيخان أيضا.
وعن ظاهر المعتبر انحصار طريق تطهيرها في النزح حيث قال: " إذا أجرى إليها الماء المتصل بالجاري لم تطهر، لأن الحكم متعلق بالنزح ولم يحصل " (3)، ووافقه عليه المحقق الخوانساري محتجا عليه: " بأن التطهير أمر شرعي لابد له من دليل ولا دليل ظاهرا على ما عدا النزح فيستصحب حكم النجاسة " (4).
وذهب الشهيد في الدروس بعد ما وافق الأولين في القول بالمشاركة في البيان - قائلا: " وينجس ماء البئر بالتغير ويطهر بمطهر غيره وبالنزح " - (5)، " والأصح نجاسته بالملاقاة أيضا وطهره بما مر وينزح كذا وكذا " (6) فذكر المقدرات إلى تفصيل في المسألة، قائلا: " ولو اتصلت بالجاري طهرت، وكذا بالكثير مع الامتزاج، وأما لو تسنما عليها من أعلى فالأولى عدم التطهير، لعدم الاتحاد في المسمى " (7).
ويوافقه عبارته في الذكرى قائلا - على ما حكي -: " وامتزاجه بالجاري مطهر، لأنه أقوى من جريان النزح باعتبار دخول ما ينافي اسمه، وكذا لو اتصل بالكثير، أما لو وردا من فوق عليها فالأقوى أنه لا يكفي، لعدم الاتحاد في المسمى " (8).