بلغوا بهم أرض الشروان (1)، ثم مضت الخزر من هنالك ولم يتبعهم المسلمون، وأقام الحرشي بأرض الشروان (2) ينتظر أمر هشام وما يأمر به.
ذكر ولاية مسلمة بن عبد الملك وعزل سعيد ابن عمرو الحرشي عن البلاد قال: وإذا كتاب قد ورد على الحرشي بأن مسلمة بن عبد الملك قد ولاه أمير المؤمنين، وكتب إلى الحرشي: أما بعد فإذا ورد عليك مسلمة بن عبد الملك فسلم عليه وسلم إليه العمل وأقدم على أمير المؤمنين ليكافئك على فعلك الجميل. قال: فلما قرأ الحري الكتاب قال: سمعا وطاعة لأمير المؤمنين وللأمير مسلمة. ثم أقام في موضعه ذلك لا يحارب أحدا.
قال: وأقبل مسلمة بن عبد الملك من الشام أميرا على أرمينية وأذربيجان حتى صار إلى مدينة برذعة فنزلها، ثم أرسل إلى الحرشي فأشخصه إليه من أرض الشروان، فلما جاءه ودخل عليه قال له مسلمة: يا سعيد! ألم يأتك كتابي أمرتك فيه أن لا تتعرض لحرب الخزر حتى أقدم عليك! فلم هونت بنفسك وخاطرت بمن معك من المسلمين؟ فقال الحرشي: أصلح الله الأمير! إنه لم يرد علي كتابك إلا بعد ما هزم الله الخزر وأمكن منهم، ولو ورد علي كتابك قبل ذلك لما تعديت أمرك، فقال مسلمة: كذبت، ولكن أحببت أن يقال: فعل الحرشي وقتل الحرشي، وصرم الحرشي، فقال الحرشي: إني لم أرد ذلك ولكني أردت ما عند الله وكان الرأي ما صنعت، والأمير أصلحه الله يعلم أن هذا كما أقول - والسلام.
قال: فغضب مسلمة من ذلك، ثم أحر بالحرشي فوجئ في عنقه وشتمه، وأمر بلوائه فضرب على رأسه، وسحب برجله إلى السجن (3).
قال: فجلس الحرشي في سجن برذعة واتصل الخبر بهشام بن عبد الملك، فغضب على أخيه مسلمة غضبا شديدا ثم كتب إليه: أما بعد فقد بلغ أمير المؤمنين ما كان من خطئك في سعيد بن عمرو الحرشي وشتمك له واستخفافك بحقه وضربك