هذا أوان صلاة العصر فانصرفي * وأحضري الخصم في اليوم الذي أعد فالمجلس (1) السبت إن يقض (1) الجلوس لنا * أنصفك فيه وإلا المجلس الاحد فحضرت يوم الاحد، فقال المأمون: من خصمك؟ قالت: العباس ابن أمير المؤمنين، فقال (2) أمير المؤمنين ليحيى بن أكثم: أجلسها معه، فجعل كلامها يعلو على كلامه. فقال بعضهم: أتصيحين على ابن أمير المؤمنين؟ فقال أمير المؤمنين:
أمسك فإن الحق أنطقها والباطل أخرسه، وأمر برد ضياعها وحملها إلى بلدها، وأعطاها عشرين ألف درهم. وقيل: إن العباس بن المأمون كان مولعا بشراء الضياع، والمعتصم مولعا بجمع الرجال وشراء الغلمان، فكان المأمون إذا رآهما يتمثل بهذين البيتين:
يبني الرجال وغيره يبني القرى * شتان بين قرى وبين رجال قلق بكثرة ماله وجناده * حتى يفرقها على الابطال قال الحسن بن سعيد: أخبرني محمد بن حماد قال: كان المعتصم مع أخيه المأمون بالثغر، فلما توفي المأمون أراد الناس أن يبايعوا ابنه العباس فأبى ذلك وقال: ما هذا الحب البارد! قد بايعت وسلمت الخلافة إليه، فسكن الجند. وخرج المعتصم نحو بغداد مسرعا خوفا على نفسه من قواد المأمون، وكانوا قد هموا به لأنهم اتهموه بقتله. قال: فصار المعتصم إلى بغداد في مستهل شهر رمضان سنة ثماني عشرة ومائتين، فصلى على أخيه المأمون، وحمل هو وابنه العباس المأمون فدفناه في دار الخاقان خادم الرشيد (3). وصار الامر إلى أخيه المعتصم بالله.
[خلافة المعتصم بالله] (4) قال: فلما صار الامر إليه وجه إسحاق بن إبراهيم بن مصعب إلى حرب الخرمية، وعقد له على الجبال، فحاربهم فقتل منهم ستين ألفا من الرجال، وهرب الباقون إلى الروم. وكان قد قتل منهم في مدة محاربتهم له نحو مائة ألف مقاتل سوى