وقالت (1): ويحك يا أحمر! وهل يدفع الاشفاق والحذار! وهل يمنع الاحتراز واقع القدر! هل يقدر الحاذر أن يدفع عن أحبابه [الاجل] (2).
وهذا خبر حسن قال: وقال عثمان بن سليم: حدثني العباس بن الفضل قال: كان أمير المؤمنين الرشيد قد جعل ابنه محمدا في حجر الفضل بن يحيى وأمره أن يبالغ في أمره وتأديبه وأن يدخل العلماء والفقهاء عليه. قال: فسمعت الفضل بن يحيى ذات يوم يقول الهيثم بن بشير الواسطي إذا دخلت اليوم فأقسم على ولي العهد محمد الأمين فليكن أكثر ما تحدثه به عن سفك الدماء، فإني أحب أن يشرب الله قلبه للذمة لها وأن يلهمه للعفاف عن سفكها، فإني خبرني بعض العلماء عن عامة من روى الحديث وطلب العلم أنهم وجدوا في مأثور رواياتهم والكتب التي يتدارسونها على أئمتهم أن الأمير الذي ينشر العدل ويحيي به السنة ويميت به الجور، فإن الله تبارك وتعالى قد جمع فيه اسمي نبيه صلى الله عليه وسلم اسمين معظمين محمدا وأمينا، لان قريشا كانت تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمينا قبل أن ينزل الوحي. قال: فكان الرشيد قد ألزم العناية بابنه محمد خاصة حتى كان يفتقده في أحواله، ثم إنه وضع عليه العيون ليأتوه بأخباره وأخبار من يسامره من بني هاشم أهل من أهل الأدب وغيرهم، قال: فاجتمع ذات يوم عند محمد الأمين فلم يشعر إلا بحركة وطء أمير المؤمنين فجلس على سرير كان في صدر الدار، ثم أقبل على محمد فقال: يا حبيبي! ما لي لا أرى عندك إلا مواليك! قال: ثم سار بيده إلى ابن أم عبيدة، فقام حتى وقف بين يديه، فقال:
هل تروي شيئا من الشعر؟ قال: نعم، هذه الأبيات:
كأن فاها لم يؤنسها في * ليلتها موهنا ولم ينم بيضاء من بني حشوم * بيضاء من سحب ما بالعلم دع عنك سلمى إذ فات مطلبها * واذكر خليلتك من بني الحكم ما أعطياني إلا سألتهما * ألا وإني لحاجري كرم إلى متى لم تكن عطيته * عندي بما قد فعلت محتشم قال: فصاح الرشيد: اسكت يا بن الخنا! فوالله إن حمقك لشبيه بحمق