إنك لاحق الناس بهذا الامر، لأنك عم والعم والد، قال: فأرسل عبد الله إلى وجوه قواده وحشمه وخاصة أهل دولته وأهل بيته فدعاهم وقال لهم: إنكم علمتم أن [أبا] العباس أمير المؤمنين وجهني إلى مروان بن محمد فقتلته وانتزعته من هذا الامر ومن جميع بني أمية، وقد كان أمير المؤمنين أبو العباس جعل لي هذا الامر من بعده لأني عمه ووارثه وأنا مستحق لهذا الامر دون غيري (1)، غير أني أحببت أن آخذ رأيكم، فهاتوا ما عندكم من الرأي، قال: فقام إليه من كان عنده فبايعوه وسلموا عليه بالخلافة، وبادر الناس إلى بيعته حتى بايعه خلق كثير من أهل الشام، ودعي له على منابرها بالخلافة. ثم إنه سار من الشام نحو أرض الجزيرة حتى صار إلى الرقة فنزلها، ثم دعا بأخيه عبد الصمد بن علي فجعله ولي عهده وولاه بلاد الجزيرة.
قال: وبلغ المنصور أمر عبد الله بن علي فدعا بأبي مسلم وأمره بالخروج إليه. فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين! إن لي حاجة فإن رأى أمير المؤمنين أكلمه فيها، فقال المنصور: قل ما بدا لك! فقال: يدفع إلى أمير المؤمنين عبد الجبار بن عبد الرحمن وصالح بن الهيثم (2) وخالد بن برمك حتى أقتلهم، ففي قتلهم صلاح أمير المؤمنين، قال: فغضب المنصور من ذلك وقال: أدفع إليك شرطتي وشرطة أخي وصاحب خراجي وخراج أخي فتقتلهم! فإذا فعلت ذلك فما يكون عذري غدا وماذا يقول في الناس! وأطرق المنصور إلى الأرض، وندم أبو مسلم على ما تكلم به وقد علم أن المنصور قد غضب، فجعل يترضاه ويقول: إنما كانت مني هفوة يا أمير المؤمنين فاغفرها لي، ولم يزل كذلك إلى أن أظهر أمير المؤمنين المنصور أنه قد رضي عنه.
ذكر خروج أبي مسلم إلى عبد الله بن علي ومحاربته له قال: وظهر أبو مسلم من العراق في أربعين ألف يريد حرب عبد الله بن علي حتى صار إلى الجزيرة من ديار ربيعة، وانهزم عبد الصمد من بين يدي أبي مسلم إلى الرقة، وبها عبد الله بن علي فخبره بذلك. قال: وجمع عبد الله بن علي الناس