سنة إلا سبعة أيام، وتوفي ببئر ميمون بن الحضرمي ودفن هناك. وقال الرقاشي: قال أبو كلثوم: مات ببئر ميمون ودفن بالحجون (1) لست ليال خلون من ذي الحجة (2) سنة ثمان (3) وخمسين ومائة وهو ابن أربع وستين سنة (4).
[خلافة المهدي] وصار الامر إلى ابنه المهدي واسمه محمد، وأمه أم موسى ابنة منصور الحميرية (5)، فقدم المهدي من جرجان وقعد في الخلافة عشر (6) سنين ومات - والله أعلم وأحكم -، وكان للمهدي أخبار وأسمار لا تدخل في الفتوح.
قال ابن يقطين (7): كنا عند المهدي ذات يوم فقال: إني أصبحت جائعا فأتوني بشيء! قال: فأتي بأرغفة ولحم بارد، فأكل ثم قام فقال: إني داخل ذلك النهر (8) نائم فيه فلا يوقظني أحد حتى أستيقظ أنا من ذاتي! إذ سمعنا بكاءه، فبادرنا إليه وقلنا: مما بكاءك؟ فقال: رأيت الساعة رجلا لو كان في مائة رجل لما خفي، فوقف على باب هذا النهر وجعل يقول هذه الأبيات فحفظتها منه (9):
كأني بهذا القصر بد باد أهله * وأوحش منه أهله ومنازله وصار عميد القوم من بعد نعمة * وملك إلى قبر عليه جنادله فلم يبق إلا ذكره وحديثه * تنادي بليل معولات حلائله