لك ومصر، وإنه بقية من خلفك (1). فإن رأيت ما تحب منها فنعمة، وإن تكن الأخرى فتمضي إلى إفريقية فهي أصلح لك من بلاد الروم. فقال مروان: صدقت يا أبا هاشم! هذا هو الرأي، غير أني قد عزمت على أمر، وهو أن أواقع القوم وقعة واحدة وأنظر كيف يكون أمري، فإن كان الذي أريده وإلا فالشام بين أيدينا.
ذكر مسير مروان بن محمد إلى محاربة ولد العباس رضي الله عنهم قال: ثم تعبى مروان وخرج من حران في جيش غزير يريد الموصل، وجعل الناس يستنفرون الناس، فصاروا إلى مدينة الموصل وقد اجتمع إليه مائة ألف عنان.
قال: وبلغ ذلك أبا العباس فخطب الناس وخبرهم بمسير مروان إلى أرض الموصل، ثم قال: من ينتدب إليه منكم؟ قال: فتكلم عم أبي العباس عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس فقال: أنا له يا أمير المؤمنين! فقال أبو العباس: أنت له فسر على بركة الله وعونه. قال: فجمع عبد الله بن علي أصحابه فعرضهم وأعطاهم الارزاق، ثم خرج من الكوفة في عشرين ألفا أو يزيدون حتى نزل مدينة يقال لها الحديثة وهي على سبعة فراسخ من الموصل. قال: وسار إليه أبو (2) عون عبد الملك ابن يزيد من شهر زور في أربعة آلاف، فصار عبد الله بن علي في أربعة وعشرين ألفا ويزيدون.
فبلغ ذلك مروان بن محمد فصار من مدينة الموصل في مائة ألف عنان حتى نزل على شاطئ نهر يقال له الزاب (3) حذاء عسكر عبد الله بن علي. قال: ثم أمر مروان فعقد له جسرا على الزاب ثم نادى في أصحابه فركبوا، وركب مروان فرسه الأشقر الذي كان يذكره الناس فيقولون: أشقر مروان، وكان فرسا عتيقا لم ير في ذلك الدهر مثله. قال: فركبه مروان حتى وقف على الجسر فنظر إليه مليا ثم قفع فرسه وعبر إلى عسكر عبد الله بن علي، وعبر إليه أصحابه، وعبر عبد الله بن علي وأصحابه إليهم، ثم إنه عبى أصحابه ميمنة وميسرة وقلبا وجناحا. وتقدم حتى وقف في القلب. ومالت الخيلان بعضها على بعض فاقتتلوا من ضحوة النهار إلى أن جاء وقت الظهر، فكانت الدائرة على أصحاب عبد الله بن علي وقتل منهم جماعة، فرفع