وما والاها (1).
ذكر موشابذ (2) البطريق ومحمد بن الحسن بن قحطبة قال: وكان بأرمينية الرابعة بطريق يقال له موشابذ (2) وكان من أبناء ملوك الروم وساداتهم، وكان محمد بن الحسن بن قحطبة هذا رجلا شرها لا يسعه شيء من شدة حرصه على أخذ الأموال، وكان لا يرى على هذا البطريق شيئا حسنا إلا يأخذه، فرأى في إصبعه خاتم فضة من ياقوت من أحسن شيء يكون، فقال له: هبني هذا الخاتم فقد أعجبني! فقال موشابذ: إن هذا خاتم أبي وليس أحب أن يصير إلى غيري، ولكن يقومه الأمير أيده الله ويأخذ مني قيمته! قال: فأبى إلا أخذ الخاتم، فقال له موشابذ: إذا كان غدا وجهت به إليك مع ما يشبهه. قال: وانصرف موشابذ إلى منزله ثم كتب من ساعته إلى بطارقته الذين حوله فاستعان بهم على حرب محمد بن الحسن بن قحطبة، فأجابه إلى ذلك. فجمع موشابذ البطارقة وجعل يحاربه، وسمع بذلك حمرة بن جرجيق بطريق بلاد جرزان فجمع الجموع وجعل يقاتل إبراهيم بن الحسن بن قحطبة وهو يومئذ بمدينة برذعة، فضاق به الأمير ولم يدر ما يصنع. قال: واجتمع إليه الكفار من كل ناحية غضبا منهم لموشابذ، فلم يكن للحسن بهم طاقة، فكتب إلى المنصور بذلك، فأمده بعشرة آلاف من أهل العراق، فساروا حتى نزلوا بمدينة أخلاط وسار إليهم الحسن بن قحطبة من برذعة في جيش عرمرم، والتقى القوم على شاطئ بحيرة أخلاط، فاقتتلوا فقتل موشابذ البطريق وقتل معه نيف من ثلاثة آلاف، وانهزم الباقون على وجوههم والسيف يأخذهم إلى أن صار المسلمون إلى كنيسة موشابذ فأصابوا فيها مالا كثيرا وسلاحا ومتاعا فأخذوه، ثم رجعوا إلى موشابذ فأخذوا رأسه ورؤوس أصحابه من البطارقة والعلوج [وأرسلوها] إلى المنصور، فأنشد عقبة بن طير النميري يقول أبياتا مطلعها:
ألم تر أعلجا ساروا إلينا * مغلقة الكنائس بادرينا إلى آخرها.