عليها الرجال وأهل القلعة غافلون لا يعلمون أنهم يؤتون من وراء القلعة، واقتحم مروان وأصحابه القلعة، فأخذ مقاتلهم بأجمعهم أخذا باليد، ثم قعد مروان على صخرة على باب القلعة، فجعل يدعو برجل رجل من أهل القلعة فيضرب أعناقهم حتى أتى على آخرهم، ثم إنه فرق نساءهم وأولادهم وأموالهم على أصحابه، وأمر بسور القلعة فهدم حتى وضع بالأرض.
قال: ثم رحل إلى حصن آخر يقال له حصن عميق (1)، فنزل عليه وحاربه أهل عميق حربا شديدا فظفر بهم مروان، فقتل رجالهم، وسبى نساءهم وأولادهم، وهدم حصنهم.
قال: واتصل الخبر بصاحب السرير فهرب من بين يدي مروان حتى صار إلى قلعة لا ترام يقال له خيزج (2)، وأقبل مروان حتى نزل عليها، فأقام أياما فلم يقدر عليها بوجه من الوجوه ولا بحيلة من الحيل. قال: وحلف مروان بيمين ليست لها كفارة أنه لا يبرح من هذه القلعة أو يدخلها أو يموت قبل ذلك. ثم أمر الناس بالبنيان فبنوا حذاء القلعة، فلم يزل مروان مقيما على باب هذه القلعة حولا كاملا، فلما أعيته الحيلة فيها وثب فاغتسل بالماء غسلا نقيا وذلك جسده دلكا شديدا حتى ذهب رائحة الطيب، ثم دعا بثياب طباخه فلبسها، ولف على رأسه عمامة وسخة، ولبس خفين عظيمين، ثم إنه قعد وكتب كتابا من نفسه من مروان بن محمد إلى صاحب السرير: أما بعد فإني قد حلفت أني لا أنصرف أو تسالمني وأسالمك آخر الدهر، فإن رأيت أيها الملك أن تأذن لي حتى أدخلها وأنظر إليها فعلت ذلك منعما إن شاء الله تعالى. قال: ثم إنه شدد وسطه وأخذ الكتاب في يده وصعد وحده حتى وقف على باب القلعة، ثم استأذن وقال: قولوا للملك: رسول مروان بالباب! قال: فخبروا الملك بذلك فأذن له، فدخل حتى وقف بين يدي الملك ودفع إليه الكتاب، فأخذه ودفع إلى ترجمانه، فجعل يقرأ عليه بلسانه حتى أتى على آخره، ثم قال: خذوا هذا الرجل وأديروه في القلعة حتى ينظر هل لاحد إليها من سبيل! قال: فأخذ القوم بيدي مروان وجعلوا يديرونه في القلعة، ومروان ينظر إلى عمارة القلعة وتحصينها، حتى نظر إلى موضع يتهيأ أن تؤخذ القلعة منه، فنظر إليه وتأمله وعرفه. ثم أقبل على