النساء والصبيان - والله أعلم -.
ذكر تولية الأفشين ومحاربته بابك الخرمي، وتوليته إرمينية وآذربيجان قال: فلما استوثق الامر لأبي إسحاق المعتصم بعث عماله إلى جميع البلاد، ثم ولى الأفشين إرمينية وأذربيجان، وأمره أن يحارب بابك الخرمي، فأقبل الأفشين حتى نزل بموضع قد كان بمدينة يقال لها برزند، ثم إنه بناها وجعلها على مفرق هذا الطريق، وهي أربعة طرق ما بين البذ وموقان وأردبيل وورقان ونزلها، واجتمع إليه العساكر فعزم على محاربة بابك الخرمي. قال: وكانت أول وقعة الأفشين مع بابك بموضع يقال له أرشق على سبعة فراسخ من مدينة أردبيل، فانهزم بابك من بين يديه حتى دخل البذ، ووجه الأفشين برجل يقال له محمد بن سليمان السمرقندي إلى مدينة برذعة فولاه إياها، وأقام الأفشين على محاربة بابك، وكان يحاربه حربا دائما، فكتب إليه المعتصم أن أثبت على حربه، ولا تعجل إلى أن يرد عليك كتابي. قال: فكان الأفشين يحارب بابك على الدوام، فأقام المعتصم ببغداد سنتين. ثم خرج سنة عشرين ومائتين، فنزل بموضع يقال له القاطول (1) وأمر ببناء مدينة سامراء (2)، حتى إذا فرغ من بنائها انتقل إليها فنزلها.
قال: والأفشين في خلال ذلك قد اشتغل بمحاربة بابك وقد ألح عليه بالحرب حتى أخرجه في بلد البذ واحتوى على بلاده، فلما رأى بابك أنه لا طاقة له به خروج من بلده هاربا في عشرين رجلا حتى صار إلى بلد يقال لها كذج (3) متنكرا كي لا يعرف، قال: فنظر أهل الكذج (3) إلى بابك فلم يعرفوه، غير أنهم ناوشوه ليأخذوا ما معه من الأثقال. قال: فحمل عليهم بابك فجعل يقاتلهم. قال: فاتصل الخبر بصاحب المدينة واسمه سهل بن سنباط، فأقبل في جماعة من أصحابه، فلما نظر إلى بابك عرفه فجعل يخادعه ويظهر إليه بره ولطفه، حتى آنس إليه بابك فجاء به سهل بن سنباط إلى قلعته، ثم دعاه بالشراب فأكل وشرب، فلما سكر دعا له