إلى آخرها.
قال: وسارت الخزر إلى أردبيل فنزلوا عليها وصابرهم أهل أردبيل أياما كثيرة وليالي، فلما طال عليهم الحصار ولم يأتهم غياث أسلموا المدينة. قال: فدخل الخزر مدينة أردبيل عنوة بالسيف، فقتلوا المقاتلة وسلبوا النساء والذرية وغنموا ما كان فيها، ثم إنهم تفرقوا في رساتيقها فينزلونها ويقتلون وينهبون ويحرقون ويفجرون.
قال: وجعل هشام بن عبد الملك يستشير وزراء خاصته فيما قد نزل به من أمر الجراح بن عبد الله وأصحابه وامتنع من النوم وضاقت الأرض عليه برحبها، ثم أقبل على مولى له يقال له سالم فقال: ويحك يا سالم! ما الذي عندك من الرأي؟ فقال سالم: والله يا أمير المؤمنين! إن دعاءك إياي للمشورة أعظم عندي مما فعلت الخزر بالمسلمين، أنا عندك في موضع مشورة فتستشيرني؟ عليك بأصحابك وصنائعك وفوادك ووجوه العرب فاستشرهم في ذلك الامر ثم افعل بعد ذلك ما تريد وبما يعزم الله لك عليه. قال: فجعل هشام يدخل إلى منزله ويخرج ولا يستقر به موضع استعظاما لما قد انتهى إليه من أمر الجراح وأصحابه، قال: فكلمه خادم يقوم على رأسه فقال: يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك! هؤلاء الاشراف الذين قد ألزمتهم بابك وأجريت عليهم أرزاقك لأي شيء يرادون إلا لمثل هذا اليوم! فقال هشام:
والله لقد صدقت في ذلك! علي بهم، قال: فأدخل عليه كل من كان ببابه فاستشارهم هشام في أمره، فتكلم جماعة وقالوا: يا أمير المؤمنين! ليس لهذا الامر إلا سعيد بن عمرو الحرشي فإنه رجل مجرب وقد علمت ما كان منه بخراسان في جهاد الترك والسغد، وهو رجل مقدام بطل همام، غير أنه ضعيف البصر ونحن نرجو أن يقوم بأمر الخزر. قال فقال هشام: هو لها ما لها! سواه.
ذكر أمر سعيد بن عمرو الحرشي وخروجه إلى الخزر قال: وكان سعيد بن عمرو هذا ينزل مدينة من مدائن الشام يقال لها منبج، فأمر هشام كاتبه فكتب: أما بعد يا سعيد! فقد كان من أمر الجراح بن عبد الله وأصحابه ما لا يخفى عليك، فانظر إن ألفاك كتابي هذا وأنت قاعد فقم، وإن ألفاك قائما فلا تقعد، فإن الامر يجل عن الوصف - والسلام -.