يرمي بك البحر بأمواجه، فإن طلبت الإقالة لم تقل (1)، قال فقال له يزيد بن المهلب: أما قولك إن بقائي متصل ببقائك، فلا أبقاني الله حياة طائر إن كان لا ينفعني إلا بقاؤك، وأما قولك بأني مطلوب بدمك، فوالله أن لو كان في يدي عشرة آلاف رجل من أهل الشام ليس فيهم رجل إلا وهو أجل منك وأعظم قدرا ثم ضربت أعناقهم في صعيد واحد لكان إمساكي عنهم بعد ذلك أشد عليهم وأهول عندهم في صدورهم من قتلي أولئك العشرة آلاف، وأما قولك أن تدارك أمرك وزلتك واستقل عثرتك، فوالله ما استشرتك في أمري، ولا (2) أنت عندي بواد ولا ناصح. ثم قال يزيد بن المهلب: انطلقوا به للسجن، فوالله لو هممت بقتله لكان ذلك عندي أهون من دم قراد، ولكني أحبسه كما حبس بني المهلب وضيق عليهم وكانوا يسألونه الترفه والترفق فلم يفعل ذلك، فحبس عدي بن أرطاة وبايع الناس يزيد بن المهلب على كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة يزيد بالبصرة قال: فبايع الناس (3) يزيد وسلموا إليه بيت المال وفيه يومئذ عشرة آلاف ألف درهم، فأخذها يزيد وفرقها في الناس، ثم إنه بعث إلى عماله إلى الأهواز وفارس وكرمان ومكران والسند والهند وسائر البلاد فاحتوى عليها، ثم نادى في الناس فجمعهم إلى المسجد الجامع، فلما تكاملوا صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال: أيها الناس! أنا رجل منكم أعني بما تعنون به، وأحامي على ما تحامون عليه، ولست أقول بأني خليفة ولكني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم وإلى جهاد أهل الشام محرقي البيت الحرام، فإن جهادهم أفضل من جهاد الترك والديلم، ألا! فاسمعوا وأطيعوا رحمكم الله.
قال: فالتفت النضر بن أنس بن مالك إلى الناس فقال: يا هؤلاء! إنكم