المناصب في أحسن زي وأكمل هيئة وأعدت له الحراقات والزلالات في الدجلة، فنهض ولبس أثوابه وتقلد سيفه وركب إلى شاطئ الدجلة، وكان قد بنى له حراقات لم يعمل مثلها: إحداهما على مثال الأسد، والأخرى على مثال العقاب. قال:
واصطفت الناس على شاطئ الدجلة ومر أمير المؤمنين منحدرا سائرا والزلالات على يمينه وشماله. قال: فما يظن أحد أنه نظر إلى شيء أبهى ولا أحسن من ذلك ولا أجمل منه، وفي ذلك يقول أبو نواس (1):
سخر الله للأمين مطايا * لم تسخر لصاحب المحراب فإذا ما ركابه سار برا * سار في الماء راكبا ليث غاب أسدا باسطا ذراعيه (2) يعدو * أهرت الشدق كاشر الأنياب لا يعانيه باللجام ولا الس * - وط (3) ولا غمز رجله في الركاب عجب الناس إذ رأوك سرت عليه * كيف لو أبصروك فوق العقاب ذات يمن وميسر وجناحي * - ن تشق العباب بعد العباب بارك الله للأمين وأبقا * وأبقى له رداء الشباب ملك تقصر المدائح عنه * هاشمي موفق للصواب وقال الفضل بن زياد: أخبرني وصيف خادم الأمين محمد ابن زبيدة قال:
[لما] أفضت الخلافة إلى الأمين محمد ابن زبيدة بعث إلى أسد بن يزيد بن مزيد الشيباني فعزله عن بلاد إرمينية وولى مكانه إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي، قال: فوجه إسحاق بن سليمان بابنه الفضل على مقدمته إلى إرمينية فدخلها واتصل به أبوه، وما زال في يد إسحاق بن سليمان الهاشمي إلى أن وقع الاختلاف بين الأمين وبين أخيه المأمون، فاتصل الحروب والوقائع إلى أن قتل الأمين - والله أعلم -.
ذكر المخالفة بينهما ومقتل الأمين قال: لما دخل عام أربع وتسعين ومائة أمر محمد الأمين بالدعاء لابنه موسى