ليس يزري السواد بالرجل * ولا بالفتى الأديب الأريب (1) إن يك للسواد منك نصيب * فبياض الاخلاق منك نصيبي قال: فما عاوده المأمون بالتقريع بعدها.
وقيل: إنما وقعت الفتنة ببغداد لان المأمون ولى الحسن بن سهل أمور العراق، فقصر في أمور الخاصة والعامة، فوقعت الفتنة والقتال ونقموا عليه أشياء، ولهذا بايعوا إبراهيم بن المهدي، فشخص المأمون عند ذلك من خراسان، ثم إن الحسن بن سهل غلب عليه السوداء وتغير عليه عقله، فشد بالحديد وحبس في بيت (2). وكان المأمون ولى الحسن بن سهل كل ما افتتحه طاهر بن الحسين من كورة الجبال والفارس والأهواز والبصرة والكوفة والحجاز، فقيل للمأمون: إن طاهر بن الحسين قد أبلى في طاعتك ما أبلى، وافتتح ما افتتح من البلاد، وقاد إليك الخلافة مزمومة، فلما وطأ لك الامر أخرجته من البيت وصيرته بالرقة في زاوية، حتى ضعف أمره، وإنه لو ك ان على خلافتك ببغداد لضبط الملك ولم يجترئ عليه من اجترأ على الحسن بن سهل. وقيل: إن هذه الكلمات قالها هرثمة في حق الحسن بن سهل، فدس إليه من قتله (3). ثم إن المأمون ارتحل من مرو، فلما أتى سرخس شد قوم على الفضل بن سهل وهو في الحمام، فقتلوه بالسيوف حتى مات، وذلك يوم الجمعة سنة اثنتين ومائتين وله ستون سنة، قتله أربعة أنفس (4).
ذكر بلاد الشاري وخروجه على المأمون قال: ولما مضت من خلافة المأمون بضعة عشر سنة خرج عليه رجل من الشراة يقال له بلال (5) بأرض الجزيرة بناحية التحديد من برية سنجار (6). قال: والتأم