قال: فخرج القوم من الشام فجعلوا يسيرون حتى قدموا العراق، ثم صاروا إلى الحيرة وبها يومئذ يوسف بن عمر، ثم دخلوا فسلموا فرد عليهم السلام، ثم أدناهم ورحب بهم، وقرب زيد بن علي خاصة فأقعده إلى جنبه وألطف به في المسألة، وأقبل إليه وإلى من معه فقال: إن يزيد بن خالد القسري محبوس في سجني، غير أنه يذكر أن له عندكم مالا استودعكم إياه، فما تقولون؟ قال: فأنكروا ذلك بأجمعهم وقالوا: أصلح الله الأمير! ما استودعنا مالا ولا له (1) قبلنا دعوى ولا طلبة. قال: فأمر يوسف بن عمر بيزيد فأحضره، ثم قال له يوسف بن عمر: هؤلاء القوم الذين ادعيت عليهم، فهات ما عندك! فقال يزيد بن خالد: أيها الأمير! ما لي عندهم قليل ولا كثير، ولا دعوى ولا طلبة، بوجه من الوجوه ولا بسبب من الأسباب. قال: فغضب يوسف بن عمر ثم قال: إنما كنت تهزأ بي وبأمير المؤمنين! ثم أخرج القوم إلى المسجد الأعظم بعد صلاة العصر فحلفوا، فخلى سبيلهم. فخلف ثلاثة منهم بالمدينة. وأقام زيد بن علي بن الحسين ومحمد بن عمر بن علي بالكوفة. قال: وجعل يوسف بن عمر يعذب يزيد بن خالد القسري بأنواع العذاب حتى مات.
ابتداء خبر زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم قال: وجعلت الشيعة من أهل الكوفة يختلفون إلى زيد بن علي ويأمرنه (2) بالخروج على هشام بن عبد الملك ويقولون له: والله يا بن رسول الله إنا لنرجو أن تكون المنصور من آل محمد! وإنه قد دنا هلاك بني أمية (3). قال: فأقام زيد بن علي بالكوفة، وجعل يوسف بن عمر يسأل عنه فيقال: إنه مقيم بالكوفة لم يبرح بعد. قال: فأرسل إليه يوسف بن عمر أن أخرج عن البلد وصر إلى غيره، فبعث إليه زيد بن علي أيها الأمير! إني عليك (4) وإني على الخروج! فأمسك عنه يوسف بن عمر أياما، ثم بعث إليه واستحثه على الخروج وأغلظ له في القول وتهدده، فلما رأى زيد بن علي أن يوسف بن عمر قد ألح عليه في الخروج لم يجد