ذكر انتقاض الخزر على المسلمين بعد موت خاتون قال: وعلمت الخزر بموت خاتون بنت ملك الخزر، فتحركوا على المسلمين فاجتمعوا في جيش عظيم وساروا حتى افترقوا من الباب والأبواب. قال: وسار إليهم يزيد بن أسيد في قريب سبعة آلاف فارس فلم يكن له بهم طاقة، فكتب إلى أبي جعفر المنصور وخبره بذلك، فلما قرأ المنصور كتاب يزيد اغتم لذلك وخشي أن ينتقض عليه أمره، فكتب إلى أهل الشام وأخبرهم بأن يلحقوا يزيد بن أسيد (1) بأرمينية! فوافى يزيد نيف عن عشرة آلاف رجل، ثم وافته عساكر العراق عسكرا بعد عسكر، فأول من وافى من العراق جبريل بن يحيى في عشرة آلاف، ومخلد بن الحسن في عشرة آلاف، وحميد بن قحطبة في عشرة آلاف، وحرب الراوندي (2) في خمسة آلاف، فذلك خمسة وثلاثون ألفا من أهل العراق. قال: وسار يزيد بن أسيد (1) ومعه عشرون ألفا من أهل الشام والجزيرة، وخمسة وثلاثون ألفا من أهل العراق، فذلك ستون ألفا. قال: وسار بهم يزيد حتى دخل نهر الكرم وصار إلى بلد الشروان. قال: وإذا كراديس الخزر قد أقبلت مثل النيل وقطع الليل في زهاء عن مائتي ألف فارس. قال: والتقى للقتال في أرض الشروان، فلم ير المسلمون يوما كان أشد منه، وذلك أنه قتل منهم مقتلة عظيمة، وانهزم يزيد بن أسيد حتى دخل مدينة برذعة، ومضى خاقان ملك الخزر وأصحابه وقد غنموا غنيمة لم ير مثلها.
قال: ومى يزيد إلى العراق فخبر المنصور بما نزل بالمسلمين من الخزر، فاغتم المنصور لذلك غما شديدا. ثم قال: ويحك يا يزيد! فما الحيلة؟ قال:
الحيلة أن تجعل في الأبواب أجنادا يرتبون فيها فتكون ردا للخزر وحوزا للاسلام، وما أرى رأيا غير هذا، فعندها بعث المنصور إلى جميع الكور الذي بالشام والجزيرة والعراق، وانتخب من أهل النجدة سبعة آلاف رجل كل رجل يعد برجال. ثم دعا إبراهيم بن أبي عون والهيثم بن سعد وضم إليهما عشرين (3) ألفا، ثم أرسل إلى مدائن الشام والجزيرة فحشر من أجنادها عشرة آلاف، ثم ضم الكل إلى يزيد بن أسيد، ثم أمره بالمسير إلى أرمينية.
وسار إلى مدينة برذعة ثم رحل منها حتى صار إلى نهر الكر فعبر بهؤلاء الخلق