إليه لا يدري ما يقول، ثم أقبل على طراخنته فقال: لأقتلن نفسي اليوم شر قتلة!
ويلكم يا معشر الخزر! أنتم عشرة أضعافهم لاه عنكم يأكل ويشرب لا يبالي بكم ولا يحفل. قال فقال له الخزر: أيها الملك! لا تغضب فإنه إذا كان غدا أرضيناك وأتيناك بصاحبهم أسيرا فتصنع به ما أحببت.
قال: فلما أصبح خاقان عبى أصحابه كما كان يعبيهم بالأمس ثم إ نه انتخب الخزر خاصته فجعلهم بين يديه وفي القلب وأوصاهم وتقدم إليهم أن لا يقصروا في القتال. وعلم مسلمة بذلك فقال: ويلي على العلج الأقلف بعد الخزر فيجعلهم بين يديه والله لأعدن لهم خزر الغرب. قال: ثم عبى مسلمة الناس فجعل على ميمنته مروان بن محمد، وعلى ميسرته سليمان بن هشام، وعلى القلب العباس بن الوليد، وعلى الجناح الهذيل بن زفر بن الحارث الكلابي. قال: ودنا القوم بعضهم من بعض فالتحموا، واشتبك الحرب بين الفريقين، وكان الرجل من المسلمين يحمل على الخزري فيطعنه برمحه ثم يجر الرمح فينثني عليه فيضربه بسيفه حتى يقتله.
قال: فلم يزل القوم كذلك حتى تعالى النهار، قال: وإذا برجل قد أقبل إلى مسلمة بالأمان راغبا في دين الاسلام، فقال: هل لك في خاقان ملك الخزر؟ فقال مسلمة: وأين هو؟ فقال: في العجلة التي قبالتك التي عليها الديباج. قال: فأرسل مسلمة إلى مروان بن محمد فدعاه إليه ثم قال: أبا عبد الله! ألا ترى العجلة التي عليها الديباج؟ قال مروان: بلى قد رأيتها، فقال مسلمة: فإنها عجلة خاقان وهو قاعد فيها. قال مروان: فأنا له، قال مسلمة: وأنا معك أبا عبد الله! فوالله لئن نحن قدرنا عليه في هذا اليوم فلقد ذهبنا بذكرها آخر الأبد! قال: فتقدم سليمان بن هشام إلى عمه فقال: أيها الأمير! اسمع كلامي ولا تعجل، قال مسلمة: هات ما عندك، فقال سليمان: خاقان لم يقعد في العجلة إلا وقد عبى أصحابه وأبطال الخزر عن يمينه وشماله ومن ورائه، ولست آمن إن خرجت أنت ومروان أن يأمر الطراخنة فيحدق بكما، فلا يتهيأ لكما الرجوع إلى عسكركما إلا بعد ذهاب الأنفس، ولكن الرأي عندي أن تنتخب رجلا من أبطال عسكرك يكون قد عرفته بالبأس والشدة، فتضم إليه نفرا من أبطال عسكرك، ثم تأمره بالاقدام إلى خاقان. قال: فعلم مسلمة أن سليمان قد أتى بالرأي، فدعا برجل من أصحابه يقال له ثبيت (1) النهراني وكان