الباع، إذا علمت قلبا منصورا، ورأيا مبرورا، وسيفا مشهورا، شفيت به صدورا، وأجليت الغم، ووقعت الهم، وكشفت الظلم، وقضيت العدم، عن الوجوه إلى أصحاب الهاشميات المؤثرات، القطاعات المظلومات، على فوت من القتل، وانقراض الأهل، ودروس السبل، ووقوع المحل بصوت بعيد الهمة، قديم النعمة، سريع النقمة، كريم الضربة، ميمون النصبة، شبعي الكتبة، قال: ثم طفق يقول:
كم طالب من قبلها وطالب * وراغب من قبلها وراغب جم المعالي دمت الضرائب * قد صح للأعداء بالكتائب قال: فتبسم أبو العباس من حسن كلامه، ثم قال: إن من كلام ما يشبه الدر وهذا منه، ثم أمر له ببدرة وغلام يحملها إلى منزله والغلام له.
ذكر مسير أبي جعفر المنصور إلى بلاد خراسان إلى أبي مسلم قال أبو الحسن المدائني: ولما فرغ أبو العباس من أمر العراق والشام ومصر وما والاها دعا بأخيه أبي جعفر فأمره بالخروج إلى بلاد خراسان ليؤكد البيعة على أهلها ويلقى أبا مسلم فيسمع كلامه. قال: فخرج أبو جعفر من العراق (1) في ثلاثمائة رجل من مواليه وخدمه وحشمه، حتى صار إلى الري، وبلغ ذلك أبا مسلم فأرسل إلى جميع عماله بالبلاد فأمرهم أن يستقبلوا أبا جعفر وأمرهم أن يكرموه غاية الاكرام ففعلوا ذلك، فكان أبو جعفر يسير من مدينة إلى مدينة حتى إذا تقارب من مدينة مرو وخرج أبو مسلم فتلقاه على فرسخين منها، فلما نظر إليه نزل وبادر وقبل يده وفخذه وسار بين يديه، فأمره أبو جعفر بالركوب فركب ودخل مدينة مرو، فنزل دار أبي مسلم، فأقام بها أياما لا يسأله أبو جعفر عن شيء غير أنه يرى أن أهل خراسان بأجمعهم سامعون مطيعون، فسر أبو جعفر بذلك سرورا شديدا وأخذ البيعة على أبي مسلم وأصحابه وهم بالانصراف إلى العراق. قال: فجمع أبو مسلم أموالا كثيرة من أموال خراسان فدفعها إلى أبي جعفر ليحملها إلى أمير المؤمنين، ووقع له أنها هدايا من جوار وغلمان ودواب وثياب فاخرة، فقال أبو جعفر لأبي مسلم: إنك اليوم منا بالمكان الذي علمت وإنا نشكو إليك أبا سلمة حفص بن سليمان فإنه قد شمخ بأنفه