ذكر حبس الكميت رحمة الله عليه حدثني إبراهيم بن عبد الله بن العلاء القرشي المدني قال: حدثني نصر بن خالد النحوي قال: حدثني الحكم بن سعيد الأسدي قال: أخبرني عيسى بن أعين وكان حاجبا لأبي عبد الله جعفر بن محمد رضي الله عنهما قال: كان السبب في حبس الكميت بن زيد (1) الأسدي أنه كان يقعد في المحافل وعلى قوارع الطرق فينشد الاشعار التي يمدح فيها بني هشام (2) ويهجو بني أمية ثم قال هذه القصيدة:
من لقب (3) متيم مستهام * غير ما صبوة ولا أحلام ففضل فيها بني هاشم على بني أمية حيث يقول:
ساسة لا كم يرى رعية (4) الن * - اس سواء ورعية الانعام لا كعبد المليك أو كوليد * أو سليمان بعد أو كهشام قال: وبلغ ذلك خالد بن عبد الله القسري وهو يومئذ أمير العراقين من قبل هشام فأخذ الكميت وحبسه في سجنه، ثم كتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره بذلك، وكتب هشام إلى خالد بن عبد الله القسري أن خذ الكميت فأخرج لسانه من قفاه واقطع رجليه واصلبه على باب داره. قال: وبلغ ذلك أبان بن الوليد البجلي وكان صديقا للكميت فكتب إليه إلى السجن بهذه الأبيات:
إن كنت ذا قصبات في الخداع فرم * بدر السماء تنل أو مت على صمد أو فاتخذ نقبا في الأرض تنج به * وما أراك بناج آخر الأبد كن كالحسام سطت بالجفن شقرته * والامر أسرع من كف إلى عدد ولا تكن حفصا رهنا بقبضته * بذي الإماء وثق بالواحد الصمد قال: فلما وصلت هذه الأبيات إلى الكميت أيقن بالقتل وعلم أن أبان بن الوليد قد نصحه، فكتب إليه يجيبه على أبياته وهو يقول:
أسمعتها أذنا للغيب سامعة * أبا الوليد فلا عميت من رشد