أبيك! قال: ثم أمر سعيد بن جابر بالقيام إليه واستنشده، فأنشد سعيد بن جابر هذه الأبيات:
لا أرى مثل ابن بشر لازمة * أناخت ولا ضيف من الناس نازل إليك ابن بشر عادة يتبعنها * تباري رؤوس اليعملات الزوائل ولم يك من ماض من الناس مثله * ولا ما يرجى في بطون الحوامل ولكن حواها من سماطيط عادة * خلال الأعادي دارس غير مائل فورثها بشرا بنيه فأصبحت * لهم نفلا من طيبات الأوائل قال فقال الرشيد: والله ما عديت عقل من آذاك. قال العباس بن الفضل: ثم أمرني بالقيام فقمت على هيبة حتى وقفت بين يديه فقال: أنشدني! فأنشدته هذه الأبيات:
تسربل هارون الخلافة فالتقت * عليه عراها واستهلت فصولها إذا أمة الاسلام ألقت قناعها * بدارجة الاحداث بان مخيلها فحلى بها هارون والناس بعده * لماضية الاحكام سهل سبيلها مكائد ترميهم بنيل مكانها * سهام المنايا في يديه سحيلها قال: فالتفت الرشيد إلى ابنه محمد وقال: يا بني! إذا استخدمت أحدا فاستخدم أهل العقل والأدب فإنك إن استخدمتهم سروك، وإن استعنتهم أعانوك.
قال العباس بن الفضل: والله ما زلت أتعرف قدري عند الأمير من ذلك اليوم إلى أن فرق الموت بيننا.
ثم رجعنا إلى الخبر الأول من أمر الرشيد وابنيه محمد وعبد الله قال: ثم إن الرشيد عزم بعد ذلك على الحج لكي يأخذ البيعة لأولاده جميعا محمد وعبد الله في جماعة ممن يحضر الموسم، فحج بالناس في سنة [ست و -] (1) ثمانين ومائة، فلما صار بالكوفة أمر لهم بعطاءين، فلما دخل إلى المدينة أمر لهم ثلاثة أعطية (2)، فلما صار إلى مكة فرق الجوائز والصلات بها، ثم إنه أخذ البيعة لمحمد وعبد الله عند البيت الحرام، قال: ثم إن الرشيد استخلفهما من بعد